للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصُّورَةِ، وَهِيَ عَكْسُ الَّتِي قَبْلَهَا. فَالتَّقْدِيرُ: وَيَرِثُ الْأُخْتَ امْرُؤٌ إِنْ هَلَكَتْ أُخْتُهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ. وَعُلِمَ مَعْنَى الْإِخْوَةِ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَهُ أُخْتٌ، وَهَذَا إِيجَازٌ بَدِيعٌ، وَمَعَ غَايَةِ إِيجَازِهِ فَهُوَ فِي غَايَةِ الْوُضُوحِ، فَلَا يُشْكِلُ بِأَنَّ الْأُخْتَ كَانَتْ وَارِثَةً لِأَخِيهَا فَكَيْفَ عَادَ عَلَيْهَا الضَّمِيرُ بِأَنْ يَرِثَهَا أَخُوهَا الْمَوْرُوثُ، وَتَصِيرُ هِيَ مَوْرُوثَةً، لِأَنَّ هَذَا لَا يَفْرِضُهُ عَالِمٌ بِالْعَرَبِيَّةِ، وَإِنَّمَا يُتَوَهَّمُ ذَلِكَ

لَوْ وَقَعَ الهلك وَصفا لامرىء بِأَنْ قِيلَ: الْمَرْءُ الْهَالِكُ يَرِثُهُ وَارِثُهُ وَهُوَ يَرِثُ وَارِثَهُ إِنْ مَاتَ وَارِثُهُ قَبْلَهُ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الِاسْتِعْمَالَيْنِ رَشِيقٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ.

وَقَوْلُهُ: يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا امْتِنَانٌ، وأَنْ تَضِلُّوا تَعْلِيلٌ لِ (يُبَيِّنُ) حُذِفَتْ مِنْهُ اللَّامُ، وَحَذْفُ الْجَارِّ مَعَ (أَنْ) شَائِعٌ. وَالْمَقْصُودُ التَّعْلِيلُ بِنَفْيِ الضَّلَالِ لَا لِوُقُوعِهِ لِأَنَّ الْبَيَانَ يُنَافِي التَّضْلِيلَ، فَحُذِفَتْ لَا النَّافِيَةُ، وَحَذْفُهَا مَوْجُودٌ فِي مَوَاقِعَ مِنْ كَلَامِهِمْ إِذَا اتَّضَحَ الْمَعْنَى، كَمَا وَرَدَ مَعَ فِعْلِ الْقَسَمِ فِي نَحْوِ:

فَآلَيْنَا عَلَيْهَا أَنْ تُبَاعَا أَيْ أَنْ لَا تُبَاعَ، وَقَوْلِهِ:

آلَيْتُ حَبَّ الْعِرَاقِ الدَّهْرَ أَطْعَمُهُ وَهَذَا كَقَوْلِ عَمْرِو بْنِ كُلْثُومٍ:

نَزَلْتُمْ مَنْزِلَ الْأَضْيَافِ مِنَّا ... فَعَجَّلْنَا الْقِرَى أَنْ تَشْتُمُونَا

أَيْ أَنْ لَا تَشْتُمُونَا بِالْبُخْلِ، وَهَذَا تَأْوِيلُ الْكُوفِيِّينَ، وَتَأَوَّلَ الْبَصْرِيُّونَ الْآيَةَ وَالْبَيْتَ وَنَظَائِرَهُمَا عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ هُوَ الْمَفْعُولُ لِأَجْلِهِ، أَيْ كَرَاهَةَ أَنْ تَضِلُّوا، وَبِذَلِكَ قَدَّرَهَا فِي «الْكَشَّافِ» .

وَقَدْ جَعَلَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ أَنْ تَضِلُّوا مَفْعُولًا بِهِ لِ (يُبَيِّنُ) وَقَالَ: الْمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ فِيمَا بَيَّنَهُ مِنَ الْفَرَائِضِ قَدْ بَيَّنَ لَكُمْ ضَلَالَكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَهَذَا بَعِيدٌ إِذْ لَيْسَ مَا فَعَلُوهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ضَلَالًا قَبْلَ مَجِيءِ الشَّرِيعَةِ، لِأَنَّ قِسْمَةَِِ