للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَيْفِيَّةُ اسْتِقْسَامِ الْمَيْسِرِ: الْمُقَامَرَةُ عَلَى أَجْزَاءِ جَزُورٍ يَنْحَرُونَهُ وَيَتَقَامَرُونَ عَلَى أَجْزَائِهِ، وَتِلْكَ عَشَرَةُ سِهَامٍ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا عِنْدَ قَوْله تَعَالَى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ الْآيَةَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [٢١٩] . وَكَانَ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ أَنْ يُقَالَ: وَمَا اسْتَقْسَمْتُمْ عَلَيْهِ بِالْأَزْلَامِ، فَغُيِّرَ الْأُسْلُوبُ وَعُدِلَ إِلَى وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ، لِيَكُونَ أَشْمَلَ لِلنَّهْيِ عَنْ طَرِيقَتَيِ الِاسْتِقْسَامِ كِلْتَيْهِمَا، وَذَلِكَ إِدْمَاجٌ بَدِيعٌ.

وَأَشْهَرُ صُوَرِ الِاسْتِقْسَامِ ثَلَاثَة قداح: أَحدهَا مَكْتُوبٌ عَلَيْهِ «أَمَرَنِي رَبِّي» ، وَرُبَّمَا كَتَبُوا عَلَيْهِ «افْعَلْ» وَيُسَمُّونَهُ الْآمِرَ. وَالْآخَرُ: مَكْتُوبٌ عَلَيْهِ «نَهَانِي رَبِّي» ، أَوْ «لَا تَفْعَلْ» وَيُسَمُّونَهُ

النَّاهِيَ. وَالثَّالِثُ: غُفْلٌ- بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ أُخْتِ الْقَافِ- أَيْ مَتْرُوكٌ بِدُونِ كِتَابَةٍ. فَإِذَا أَرَادَ أَحَدُهُمْ سَفَرًا أَوْ عَمَلًا لَا يَدْرِي أَيَكُونُ نَافِعًا أَمْ ضَارًّا، ذَهَبَ إِلَى سَادِنِ صَنَمِهِمْ فَأَجَالَ الْأَزْلَامَ، فَإِذَا خَرَجَ الَّذِي عَلَيْهِ كِتَابَةٌ، فَعَلُوا مَا رُسِمَ لَهُمْ، وَإِذَا خَرَجَ الْغُفْلُ أَعَادُوا الْإِجَالَةَ. وَلَمَّا أَرَادَ امْرُؤُ الْقَيْسِ أَنْ يَقُومَ لِأَخْذِ ثَأْرِ أَبِيهِ حُجْرٍ، اسْتَقْسَمَ بِالْأَزْلَامِ عِنْدَ ذِي الْخَلَصَةِ، صَنَمِ خَثْعَمَ، فَخَرَجَ لَهُ النَّاهِي فَكَسَرَ الْقِدَاحَ وَقَالَ:

لَوْ كُنْتَ يَا ذَا الْخَلَصِ الْمَوْتُورَا ... مِثْلِي وَكَانَ شَيْخُكَ الْمَقْبُورَا

لَمْ تَنْهَ عَنْ قَتْلِ الْعُدَاةِ زُورَا وَقَدْ

وَرَدَ، فِي حَدِيثِ فَتْحِ مَكَّةَ: أَنَّ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَدَ صُورَةَ إِبْرَاهِيمَ يَسْتَقْسِمُ بِالْأَزْلَامِ فَقَالَ: «كَذَبُوا وَاللَّهِ إِنِ اسْتَقْسَمَ بِهَا قَطُّ»

وَهُمْ قَدِ اخْتَلَقُوا تِلْكَ الصُّورَةَ، أَوْ تَوَهَّمُوهَا لِذَلِكَ، تَنْوِيهًا بِشَأْنِ الِاسْتِقْسَامِ بِالْأَزْلَامِ، وَتَضْلِيلًا لِلنَّاسِ الَّذِينَ يَجْهَلُونَ. وَكَانَتْ لَهُمْ أَزْلَامٌ أُخْرَى عِنْدَ كُلِّ كَاهِنٍ مِنْ كُهَّانِهِمْ، وَمِنْ حُكَّامِهِمْ، وَكَانَ مِنْهَا عِنْدَ (هُبَلٍ) فِي الْكَعْبَةِ سَبْعَةٌ قَدْ كَتَبُوا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ شَيْئًا مِنْ أَهَمِّ مَاِِ