للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِالْمُسْلِمِينَ حِينَ نُزُولِ الْمُسْلِمِينَ بِالْحُدَيْبِيَةِ عَامَ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ ثُمَّ عَدَلُوا عَنْ ذَلِكَ. وَقَدْ أَشَارَتْ إِلَيْهَا الْآيَةُ:

وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ [الْفَتْح: ٢٤] الْآيَةَ. وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْإِشَارَةُ إِلَى عَزْمِ أَهْلِ خَيْبَرَ وَأَنْصَارِهِمْ مِنْ غَطَفَانَ وَبَنِي أَسَدٍ عَلَى قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ حِينَ حِصَارِ خَيْبَرَ، ثُمَّ رَجَعُوا عَنْ عَزْمِهِمْ وَأَلْقَوْا بِأَيْدِيهِمْ، وَهِيَ الَّتِي أَشَارَتْ إِلَيْهَا آيَةُ: وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ [الْفَتْح: ٢٠] . وَعَنْ قَتَادَةَ: سَبَبُ الْآيَةِ مَا هَمَّتْ بِهِ بَنُو مُحَارِبٍ وَبَنُو ثَعْلَبَةَ يَوْمَ ذَاتِ الرِّقَاعِ مِنَ الْحَمْلِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ فَأَشْعَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ بِذَلِكَ، وَنَزَلَتْ صَلَاةُ الْخَوْفِ، وَكَفَّ اللَّهُ أَيْدِيَهُمْ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ.

وَأَمَّا مَا يُذْكَرُ مِنْ غَيْرِ هَذَا مِمَّا هَمَّ بِهِ بَنُو النَّضِيرِ مِنْ قتل النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ جَاءَهُمْ يَسْتَعِينُهُمْ عَلَى دِيَةِ الْعَامِرِيَّيْنِ فَتَآمَرُوا عَلَى أَنْ يَقْتُلُوهُ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ بِذَلِكَ فَخَرَجَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ. وَكَذَا مَا يُذْكَرُ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ قِصَّةُ الْأَعْرَابِيِّ الَّذِي اخْتَرَطَ سَيْفَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ قَائِلٌ فِي مُنْصَرَفِهِ مِنْ إِحْدَى غَزَوَاتِهِ، فَذَلِكَ لَا يُنَاسِبُ خِطَابَ الَّذِينَ آمَنُوا، وَلَا يُنَاسِبُ قِصَّةَ الْأَعْرَابِيِّ لِأَنَّ الَّذِي أَهَمَّ بِالْقَتْلِ وَاحِدٌ لَا قَوْمٌ.

وَبَسْطُ الْيَدِ مَجَازٌ فِي الْبَطْشِ قَالَ تَعَالَى: وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ [الممتحنة: ٢] وَيُطْلَقُ عَلَى السُّلْطَةِ مَجَازًا أَيْضًا، كَقَوْلِهِمْ: يَجِبُ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ عَلَى كُلِّ مَنْ بُسِطَتْ يَدُهُ فِي الْأَرْضِ وَعَلَى الْجُودِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ [الْمَائِدَة: ٦٤] . وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي مُحَاوَلَةِ الْإِمْسَاكِ بِشَيْءٍ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى حِكَايَةً عَنِ ابْنِ آدَمَ لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ [الْمَائِدَة: ٢٨] .

وَأَمَّا كَفُّ الْيَدِ فَهُوَ مَجَازٌ عَنِ الْإِعْرَاضِ عَنِ السُّوءِ خَاصَّةً وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ [الْفَتْح: ٢٠] .