حُصُولُهُ لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ الرَّسُولَ- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- لَيْسَ بِمَظِنَّةِ ذَلِكَ وَلَكِنَّهُ عَلَى سَبِيلِ الْفَرْضِ.
وَزِيدَتْ (كَانَ) بَعْدَ (إِنِ) الشَّرْطِيَّةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا هُوَ فِعْلُ الشَّرْطِ فِي الْمَعْنَى لِيَبْقَى فِعْلُ الشَّرْطِ عَلَى مَعْنَى الْمُضِيِّ فَلَا تُخَلِّصُهُ (إِنِ) الشَّرْطِيَّةُ إِلَى الِاسْتِقْبَالِ، كَمَا هُوَ شَأْنُ أَفْعَالِ الشُّرُوطِ بَعْدَ (إِنْ) ، فَإِنْ (كَانَ) لِقُوَّةِ دَلَالَتِهِ عَلَى الْمُضِيّ لَا تقلبه أَدَاةُ الشَّرْطِ إِلَى الِاسْتِقْبَالِ.
وَالْإِعْرَاضُ الْمُعَرَّفُ بِالْإِضَافَةِ هُوَ الَّذِي مَضَى ذِكْرُهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ [الْأَنْعَام: ٤] . وَهُوَ حَالَةٌ أُخْرَى غَيْرُ حَالَةِ التَّكْذِيبِ، وَكِلْتَاهُمَا مِنْ أَسْبَابِ اسْتِمْرَارِ كُفْرِهِمْ.
وَقَوْلُهُ: فَإِنِ اسْتَطَعْتَ جَوَابُ إِنْ كانَ كَبُرَ، وَهُوَ شَرْطٌ ثَانٍ وَقَعَ جَوَابًا لِلشَّرْطِ الْأَوَّلِ. وَالِاسْتِطَاعَةُ: الْقُدْرَةُ. وَالسِّينُ وَالتَّاءُ فِيهَا لِلْمُبَالَغَةِ فِي طَاعَ، أَيِ انْقَادَ.
وَالِابْتِغَاءُ: الطَّلَبُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ [٨٣] ، أَيْ أَنْ تَطْلُبَ نَفَقًا أَوْ سُلَّمًا لِتَبْلُغَ إِلَى خَبَايَا الْأَرْضِ وَعَجَائِبِهَا وَإِلَى خَبَايَا السَّمَاءِ. وَمَعْنَى الطَّلَبِ هُنَا: الْبَحْثُ.
وَانْتَصَبَ نَفَقاً وسُلَّماً عَلَى الْمَفْعُولَيْنِ لِ تَبْتَغِيَ.
وَالنَّفَقُ: سِرْبٌ فِي الْأَرْضِ عَمِيقٌ.
وَالسُّلَّمُ- بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مَعَ تَشْدِيدِ اللَّامِ- آلَةٌ لِلِارْتِقَاءِ تُتَّخَذُ مِنْ حَبْلَيْنِ غَلِيظَيْنِ مُتَوَازِيَيْنِ تَصِلُ بَيْنَهُمَا أَعْوَادٌ أَوْ حِبَالٌ أُخْرَى مُتَفَرِّقَةٌ فِي عَرْضِ الْفَضَاءِ الَّذِي بَيْنَ الْحَبْلَيْنِ مِنْ مِسَاحَةِ مَا بَيْنَ كُلٍّ مِنْ تِلْكَ الْأَعْوَادِ بِمِقْدَارِ مَا يَرْفَعُ الْمُرْتَقِي إِحْدَى رِجْلَيْهِ إِلَى الْعُودِ الَّذِي فَوْقَ ذَلِكَ، وَتُسَمَّى تِلْكَ الْأَعْوَادُ دَرَجَاتٌ. وَيُجْعَلُ طُولُ الْحَبْلَيْنِ بِمِقْدَارِ الِارْتِفَاعِ الَّذِي يُرَادُ الِارْتِقَاءُ إِلَيْهِ. وَيُسَمَّى السُّلَّمُ مِرْقَاةً وَمِدْرَجَةً. وَقَدْ سَمَّوُا الْغَرْزَ الَّذِي يَرْتَقِي بِهِ الرَّاكِبُ عَلَى رَحْلِ نَاقَتِهِ سُلَّمًا. وَكَانُوا يَرْتَقُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute