للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- ٧٥٧ -

رسم الْمُصحف وَكَونهَا اللُّغَة الفصحى. وَقَالَ: وَاخْتلفُوا أَيْضا فِي حَرَكَة مِيم ضمير الْجمع الْغَائِب الْمُذكر فِي الْوَصْل إِذا وَقعت قبل متحرك فالجمهور قرأوا {عَلَيْهِم غير المغضوب عَلَيْهِم} بِسُكُون الْمِيم وَقَرَأَ ابْن كثير وَأَبُو جَعْفَر وقالون فِي رِوَايَة عَنهُ بضمة مشبعة {غير المغضوب عليهمو} وَهِي لُغَة لبَعض الْعَرَب وَعَلَيْهَا قَول لبيد:

وهمو فوارسها وهم حكامها

فجَاء باللغتين وَقَرَأَ ورش بِضَم الْمِيم وإشباعها إِذا وَقع بعد الْمِيم همز دون نَحْو {غير المغضوب عَلَيْهِم} وَأجْمع الْكل على إسكان الْمِيم فِي الْوَقْف.

وَفِي قَوْله {فَمن اضْطر غير بَاغ} قَالَ:

وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَر: فَمن اضْطر بِكَسْر الطَّاء، لِأَن أَصله اضطرر براءين أولاهما مَكْسُورَة فَلَمَّا أُرِيد إدغام الرَّاء الأولى فِي الثَّانِيَة نقلت حركتها إِلَى الطَّاء بعد طرح حَرَكَة الطَّاء. وَانْظُر أَيْضا فِي تعرضه لِلْأُصُولِ فِي الْقرَاءَات كَلَامه فِي قَوْله تَعَالَى {ءأنذرتهم} وَهَذَا خُرُوج سَافر عَمَّا أَخذه على نَفسه من عدم الإطالة فِي الْقرَاءَات فجل الْمُفَسّرين إِنَّمَا يَتَكَلَّمُونَ فِي الْخلاف الْمُؤثر فِي الْمَعْنى أَو الْمُتَعَلّق بِهِ لَا فِي الْأَدَاء وَنَحْوه.

وَقد أَخطَأ خطأ فَاحِشا فِي عزو الْقرَاءَات فِي قَوْله تَعَالَى {يخادعون الله وَالَّذين آمنُوا ومايخدعون إِلَّا أنفسهم ومايشعرون} حَيْثُ قَالَ:

وَيُؤَيّد هَذَا التَّأْوِيل قِرَاءَة ابْن عَامر وَمن مَعَه: يخدعون الله. وَهَذَا إِنَّمَا يدْفع الْإِشْكَال عَن إِسْنَاد صُدُور الخداع من الله وَالْمُؤمنِينَ مَعَ تَنْزِيه الله وَالْمُؤمنِينَ عَنهُ، وَلَا يدْفع إِشْكَال صُدُور الخداع من الْمُنَافِقين لله.

وَأما التَّأْوِيل فِي فَاعل {يخادعون} الْمُقدر وَهُوَ الْمَفْعُول أَيْضا فبأن يَجْعَل المُرَاد أَنهم يخادعون رَسُول الله فالإسناد إِلَى الله تَعَالَى إِمَّا على طَرِيق الْمجَاز الْعقلِيّ لأجل الملابسة بَين الرَّسُول ومرسله، وَإِمَّا مجَاز بالحذف