للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِلَى فَاعِلِهِ وَمَفْعُولَيْهِ. فَمَنْ قَالَ لَكَ: رَأَيْتُنِي عَالِمًا بِفُلَانٍ. فَأَرَدْتَ التَّحَقُّقَ فِيهِ تَقُولُ: أَرَأَيْتَكَ عَالِمًا بِفُلَانٍ. وَتَقُولُ لِلْمُثَنَّى: أَرَأَيْتُمَاكُمَا عَالِمَيْنِ بِفُلَانٍ، وَلِلْجَمْعِ أَرَأَيْتُمُوكُمْ وَلِلْمُؤَنَّثَةِ أَرَأَيْتِكِ- بِكَسْرِ التَّاءِ-.

وَقَرَأَهُ نَافِعٌ فِي الْمَشْهُورِ- بِتَسْهِيلِ الْهَمْزَةِ أَلِفًا- وَعَنْهُ رِوَايَةٌ بِجَعْلِهَا بَيْنَ الْهَمْزَةِ وَالْأَلِفِ. وَقَرَأَهُ الْكِسَائِيُّ- بِإِسْقَاطِ الْهَمْزَةِ- الَّتِي هِيَ عَيْنُ الْكَلِمَةِ، فَيَقُولُ: أَرَيْتَ وَهِيَ لُغَةٌ. وَقَرَأَهُ الْبَاقُونَ- بِتَحْقِيقِ الْهَمْزَةِ-.

وَجُمْلَةُ: إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ إِلَخ مُعْتَرضَة بني مَفْعُولَيْ فِعْلِ الرُّؤْيَةِ، وَهِيَ جُمْلَةٌ شَرْطِيَّةٌ حُذِفَ جَوَابُهَا لِدَلَالَةِ جُمْلَةِ الْمَفْعُولِ الثَّانِي عَلَيْهِ.

وَإِتْيَانُ الْعَذَابِ: حُلُولُهُ وَحُصُولُهُ، فَهُوَ مَجَازٌ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْإِتْيَانِ الْمَجِيءُ، وَهُوَ الِانْتِقَالُ مِنْ مَوْضِعٍ بَعِيدٍ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي اسْتَقَرَّ فِيهِ مَفْعُولُ الْإِتْيَانِ، فَيُطْلَقُ مَجَازًا عَلَى

حُصُولِ شَيْءٍ لَمْ يَكُنْ حَاصِلًا. وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي إِتْيَانِ السَّاعَةِ سَوَاءٌ.

وَوَجْهُ إِعَادَةِ فِعْلِ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ مَعَ كَوْنِ حَرْفِ الْعَطْفِ مُغْنِيًا عَنْ إِعَادَةِ الْعَامِلِ بِأَنْ يُقَالَ: إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوِ السَّاعَةُ، هُوَ مَا يُوَجَّهُ بِهِ الْإِظْهَارُ فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ مِنْ إِرَادَةِ الِاهْتِمَامِ بِالْمُظْهَرِ بِحَيْثُ يُعَادُ لَفْظُهُ الصَّرِيحُ لِأَنَّهُ أَقْوَى اسْتِقْرَارًا فِي ذِهْنِ السَّامِعِ.

وَالِاهْتِمَامُ هُنَا دَعَا إِلَيْهِ التَّهْوِيلُ وَإِدْخَالُ الرَّوْعِ فِي ضَمِيرِ السَّامِعِ بِأَنْ يُصَرَّحَ بِإِسْنَادِ هَذَا الْإِتْيَانِ لِاسْمِ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ الدَّالِّ عَلَى أَمْرٍ مَهُولٍ لِيَدُلَّ تَعَلُّقُ هَذَا الْفِعْلِ بِالْمَفْعُولِ عَلَى تَهْوِيلِهِ وَإِرَاعَتِهِ.

وَقَدِ اسْتَشْعَرَ الِاحْتِيَاجَ إِلَى تَوْجِيهِ إِعَادَةِ الْفِعْلِ هُنَا الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ عَرَفَةَ فِي دَرْسِ تَفْسِيرِهِ، وَلَكِنَّهُ وَجَّهَهُ بِأَنَّهُ إِذَا كَانَ الْعَامِلَانِ مُتَفَاوِتَيْنِ فِي الْمَعْنَى لِكَوْنِ أَحَدِهِمَا أَشَدَّ يُعَادُ الْعَامِلُ بَعْدَ حَرْفِ الْعَطْفِ إِشْعَارًا بِالتَّفَاوُتِ، فَإِنَّ إِتْيَانَ الْعَذَابِ أَشَدُّ مِنْ إِتْيَانِ السَّاعَةِ (أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِعَذَابِ اللَّهِ عَذَابُ الْآخِرَةِ) أَوْ كَانَ الْعَامِلَانِ مُتَبَاعِدَيْنِ، فَإِنْ أُرِيدَ بِالسَّاعَةِ الْقِيَامَةُ وَبِعَذَابِ اللَّهِ الْمَحْقُ وَالرَّزَايَا فِي الدُّنْيَا فَيَعْقُبُهُ بَعْدَ مُهْلَةٍ تَامَّةٍ. وَإِنْ أُرِيدَ بِالسَّاعَةِ الْمُدَّةِ فَالْمَحْقُ الدُّنْيَوِيُّ كَثِيرٌ، مِنْهُ مُتَقَدِّمٌ وَمِنْهُ مُتَأَخِّرٌ إِلَى الْمَوْتِ، فَالتَّقَدُّمُ ظَاهِرٌ اهـ.

وَفِي تَوْجِيهِهِ نَظَرٌ إِذْ لَا يَشْهَدُ لَهُ الِاسْتِعْمَالُ.