وَهِيَ حَالٌ مُقَدَّرَةٌ عَلَى ظَاهِرِ قَوْلِ النّحويين لأنّها مُسْتَقْبلَة عَنِ الْإِنْشَاءِ، وَعِنْدِي أَنَّ عَامِلَ الْحَالِ إِذَا كَانَ مِمَّا يَحْصُلُ مَعْنَاهُ فِي أَزْمِنَةٍ، وَكَانَتِ الْحَالُ مُقَارِنَةً لِبَعْضِ أَزْمِنَةِ عَامِلِهَا، فَهِيَ جَدِيرَةٌ بَأَنْ تَكُونُ مُقَارِنَةً، كَمَا هُنَا.
(وَالْأُكْلُ) - بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْكَافِ- لِنَافِعٍ وَابْنِ كَثِيرٍ، وَبِضَمِّهِمَا- قَرَأَهُ الْبَاقُونَ، هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي يُؤْكَلُ، أَيْ مُخْتَلِفًا مَا يُؤْكَلُ مِنْهُ.
وَعُطِفَ: وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ عَلَى: جَنَّاتٍ ... وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ. وَالْمُرَادُ شَجَرُ الزَّيْتُونِ وَشَجَرُ الرُّمَّانِ. وَتَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي نَظِيرِهِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ مَاءً الْآيَةَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ [٩٩] .
إِلَّا أَنَّهُ قَالَ هُنَاكَ: مُشْتَبِهاً [الْأَنْعَام: ٩٩] وَقَالَ هُنَا: مُتَشابِهاً وَهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ لِأَنَّ التَّشَابُهَ حَاصِلٌ مِنْ جَانِبَيْنِ فَلَيْسَتْ صِيغَةُ التَّفَاعُلِ لِلْمُبَالَغَةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي قَوْلِهِ: وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ فِي الْآيَتَيْنِ.
كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ.
غَيَّرَ أُسْلُوبَ الْحِكَايَةِ عَنْ أَحْوَالِ الْمُشْرِكِينَ فَأَقْبَلَ عَلَى خِطَابِ الْمُؤْمِنِينَ بِهَذِهِ الْمِنَّةِ وَهَذَا الْحُكْمِ فَهَذِهِ الْجُمَلُ مُعْتَرِضَةٌ وَهِيَ تَعْرِيضٌ بِتَسْفِيهِ أَحْلَامِ الْمُشْرِكِينَ لِتَحْرِيمِهِمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ مَا مَنَّ اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِمْ.
وَالثَّمَرُ:- بِفَتْحِ الثَّاءِ وَالْمِيم- وبضمّهما- وقرىء بِهِمَا كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي نَظِيرَتِهَا.
وَالْأَمْرُ لِلْإِبَاحَةِ بِقَرِينَةِ أَنَّ الْأَكْلَ مِنْ حَقِّ الْإِنْسَانِ الَّذِي لَا يَجِبُ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute