هَمْزَةِ التَّعْدِيَةِ كَمَا قَالَهُ النُّحَاةُ، فِي نَحْوِ: ذَهَبْتُ بِزَيْدٍ، أَنَّهُ بِمَعْنَى أَذْهَبْتُهُ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى فَتُفَرِّقُكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ، أَيْ لَا تُلَاقُونَ
وَالضَّمِيرُ الْمُضَافُ إِلَيْهِ فِي: سَبِيلِهِ يَعُودُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِقَرِينَةِ الْمَقَامِ، فَإِذَا كَانَ ضَمِيرُ الْمُتَكَلِّمِ فِي قَوْلِهِ: صِراطِي عَائِدًا لِلَّهِ كَانَ فِي ضَمِيرِ سَبِيلِهِ الْتِفَاتًا عَنْ سَبِيلِي.
رَوَى النَّسَائِيُّ فِي «سُنَنِهِ» ، وَأَحْمَدُ، وَالدَّارِمِيُّ فِي «مَسْنَدَيْهِمَا» ، وَالْحَاكِمُ فِي «الْمُسْتَدْرَكِ» ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: خَطَّ لَنَا رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا خَطًّا ثُمَّ قَالَ: هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ، ثُمَّ خَطَّ خُطُوطًا عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ (أَيْ عَنْ يَمِينِ الْخَطِّ الْمَخْطُوطِ أَوَّلًا وَعَنْ شِمَالِهِ) ثُمَّ قَالَ: «هَذِهِ سُبُلٌ عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهَا» ثُمَّ قَرَأَ: وَأَنَّ هَذَا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ.
وَرَوَى أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «كُنَّا عِنْد النّبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَطَّ خَطًّا وَخَطَّ خَطَّيْنِ عَنْ يَمِينِهِ وَخَطَّ خَطَّيْنِ عَنْ يَسَارِهِ ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ فِي الْخَطِّ الْأَوْسَطِ (أَيِ الَّذِي بَيْنَ الْخُطُوطِ الْأُخْرَى) فَقَالَ: هَذِهِ سَبِيلُ اللَّهِ، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: وَأَنَّ هَذَا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ
»
وَمَا وَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى (وَخَطَّ خُطُوطًا) هُوَ بِاعْتِبَارِ مَجْمُوعِ مَا عَلَى الْيَمِينِ وَالشِّمَالِ. وَهَذَا رَسْمُهُ عَلَى سَبِيلِ التَّقْرِيبِ:
وَقَوْلُهُ: ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ تَذْيِيلُ تَكْرِيرٍ لِمِثْلَيْهِ السَّابِقَيْنِ، فَالْإِشَارَةُ بِ ذلِكُمْ إِلَى الصِّرَاطِ، وَالْوِصَايَةُ بِهِ مَعْنَاهَا الْوِصَايَةُ بِمَا يَحْتَوِي عَلَيْهِ.
وَجَعَلَ الرَّجَاءَ لِلتَّقْوَى لِأَنَّ هَذِهِ السَّبِيلَ تَحْتَوِي عَلَى تَرْكِ الْمُحَرَّمَاتِ، وَتَزِيدُ بِمَا تَحْتَوِي عَلَيْهِ مِنْ فِعْلِ الصَّالِحَاتِ، فَإِذَا اتَّبَعَهَا السَّالِكُ فَقَدْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute