للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَعَلَى الِاحْتِمَالَاتِ كُلِّهَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وُقُوعُ ذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي الدُّنْيَا.

وَجُمْلَةُ: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا تَذْكِيرًا لَهُمْ بِأَنَّ الِانْتِظَارَ وَالتَّرَيُّثَ عَنِ الْإِيمَانِ وَخِيمُ الْعَاقِبَةِ، لِأَنَّهُ مُهَدَّدٌ بِمَا يَمْنَعُ مِنَ التَّدَارُكِ عِنْدَ النَّدَامَةِ، فَإِمَّا أَنْ يَعْقُبَهُ الْمَوْتُ وَالْحِسَابُ، وَإِمَّا أَنْ يَعْقُبَهُ مَجِيءُ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، وَهِيَ آيَةُ عَذَابٍ خَارِقٍ لِلْعَادَةِ يَخْتَصُّ بِهِمْ فَيَعْلَمُوا أَنَّهُ عُقُوبَةٌ عَلَى تَكْذِيبِهِمْ وَصَدْفِهِمْ، وَحِينَ يَنْزِلُ ذَلِكَ الْعَذَابُ لَا تَبْقَى فُسْحَةٌ لِتَدَارُكِ مَا فَاتَ لِأَنَّ اللَّهَ إِذَا أَنْزَلَ عَذَابَهُ عَلَى الْمُكَذِّبِينَ لَمْ يَنْفَعْ عِنْدَهُ تَوْبَةٌ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: فَلَوْلا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ [يُونُس: ٩٨] وَقَالَ تَعَالَى:

مَا نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَما كانُوا إِذاً مُنْظَرِينَ [الْحجر: ٨]- وَقَالَ- وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ [الْأَنْعَام: ٨] .

وَمِنْ جُمْلَةِ آيَاتِ اللَّهِ الْآيَاتُ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ عَامَّةً لِلنَّاسِ، وَهِيَ أَشْرَاطُ السَّاعَةِ:

وَالَّتِي مِنْهَا طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا حِينَ تُؤْذِنُ بِانْقِرَاضِ نِظَامِ الْعَالَمِ الدُّنْيَوِيِّ.

رَوَى الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا فَإِذَا طَلَعَتْ وَرَآهَا النَّاسُ آمَنُوا أَجْمَعُونَ وَذَلِكَ حِينَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ» ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ

. وَالنَّفْعُ الْمَنْفِيُّ هُوَ النَّفْعُ فِي الْآخِرَةِ، بِالنَّجَاةِ مِنَ الْعَذَابِ، لِأَنَّ نَفْعَ الدُّنْيَا بِكَشْفِ الْعَذَابِ عِنْدَ مَجِيءِ الْآيَاتِ لَا يَنْفَعُ النُّفُوسَ الْمُؤْمِنَةَ وَلَا الْكَافِرَةَ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً [الْأَنْفَال: ٢٥]

وَقَوْلِ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ثُمَّ يُحْشَرُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ»

.