وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: كَانَتِ الْعَرَبُ تَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرَاةً إِلَّا الْحُمْسَ، وَالْحُمْسُ قُرَيْشٌ وَمَا وَلَدَتْ فَكَانَ غَيْرُهُمْ يَطُوفُونَ عُرَاةً إِلَّا أَنْ يُعْطِيَهُمُ الْحُمْسُ ثِيَابًا فَيُعْطِي الرِّجَالُ الرِّجَالَ وَالنِّسَاءُ النِّسَاءَ، وَعَنْهُ: أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا وَصَلُوا إِلَى مِنًى طَرَحُوا ثِيَابَهُمْ وَأَتَوُا الْمَسْجِدَ عُرَاةً. وَرُوِيَ أَنَّ الْحُمْسَ كَانُوا يَقُولُونَ نَحْنُ أَهْلُ الْحَرَمِ فَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنَ الْعَرَبِ أَنْ يَطُوفَ إِلَّا فِي ثِيَابِنَا وَلَا يَأْكُلَ إِذَا دَخَلَ أَرْضِنَا إِلَّا مِنْ طَعَامِنَا. فَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنَ الْعَرَبِ صَدِيقٌ بِمَكَّةَ يُعِيرُهُ ثَوْبًا وَلَا يجد من يَسْتَأْجِرُ بِهِ كَانَ بَيْنَ أَحَدِ أَمْرَيْنِ إِمَّا أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانًا، وَإِمَّا أَنْ يَطُوفَ فِي ثِيَابِهِ فَإِذَا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ أَلْقَى ثَوْبَهُ عَنْهُ فَلَمْ يَمَسَّهُ أَحَدٌ وَكَانَ ذَلِكَ الثَّوْبُ يُسَمَّى: اللَّقَى- بِفَتْحِ اللَّامِ- قَالَ شَاعِرُهُمْ:
كَفَى حَزَنًا كَرِّي عَلَيْهِ كَأَنَّهُ ... لَقًى بَيْنَ أَيْدِي الطَّائِفِينَ حَرَامُ
وَفِي «الْكَشَّاف» ، عَن طَاوُوس: كَانَ أَحَدُهُمْ يَطُوفُ عُرْيَانًا وَيَدَعُ ثِيَابَهُ وَرَاءَ الْمَسْجِدِ وَإِنْ طَافَ وَهِيَ عَلَيْهِ ضُرِبَ وَانْتُزِعَتْ مِنْهُ لِأَنَّهُمْ قَالُوا: لَا نَعْبُدُ اللَّهَ فِي ثِيَابٍ أَذْنَبْنَا فِيهَا، وَقَدْ أبْطلهُ النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَامَ حَجَّتِهِ سَنَةَ تِسْعٍ، أَنْ يُنَادِيَ فِي الْمَوْسِمِ: «أَنْ لَا يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ» .
وَعَنِ السُّدِّيِّ وَابْنِ عَبَّاسٍ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ التزموا تَحْرِيم اللّم وَالْوَدَكَ فِي أَيَّامِ الْمَوْسِمِ، وَلَا يَأْكُلُونَ مِنَ الطَّعَامِ إِلَّا قُوتًا، وَلَا يَأْكُلُونَ دَسَمًا، وَنَسَبَ فِي «الْكَشَّافِ» ذَلِكَ إِلَى بَنِي عَامِرٍ، وَكَانَ الْحُمْسُ يَقُولُونَ: لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ إِذَا دَخَلَ أَرْضَنَا أَنْ يَأْكُلَ إِلَّا مِنْ طَعَامِنَا، وَفِي «تَفْسِيرِ الطَّبَرِيِّ»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute