للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(٦٦)

يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعَطْفُ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ بِأَنْ يُقَدَّرَ بَعْدَ وَاوِ الْعَطْفِ «أَرْسَلْنَا» لِدَلَالَةِ حَرْفِ (إِلَى) عَلَيْهِ، مَعَ دَلَالَةِ سَبْقِ نَظِيرِهِ فِي الْجُمْلَةِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهَا، وَالتَّقْدِيرُ وَأَرْسَلْنَا إِلَى عَادٍ، فَتَكُونُ الْوَاوُ لِمُجَرَّدِ الْجَمْعِ اللَّفْظِيِّ مِنْ عَطْفِ الْقِصَّةِ عَلَى الْقِصَّةِ وَلَيْسَ مِنْ عَطْفِ الْمُفْرَدَاتِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ عَطْفِ الْمُفْرَدَاتِ: عَطَفَتِ الْوَاوُ هُوداً على نُوحاً [الْأَعْرَاف: ٥٩] ، فَتكون الْوَاو نائية عَنِ الْعَامِلِ وَهُوَ أَرْسَلْنا [الْأَعْرَاف: ٥٩] ، وَالتَّقْدِيرُ: «لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ وَهُودًا أَخَا عَادٍ إِلَيْهِمْ وَقُدِّمَتْ (إِلَى) فَهُوَ مِنَ الْعَطْفِ عَلَى مَعْمُولَيْ عَامِلٍ وَاحِدٍ، وَتَقْدِيمُ (إِلَى) اقْتَضَاهُ حُسْنُ نَظْمِ الْكَلَامِ فِي عَوْدِ الضَّمَائِرِ، وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ أَحْسَنُ.

وَقُدِّمَ الْمَجْرُورُ عَلَى الْمَفْعُولِ الْأَصْلِيِّ لِيَتَأَتَّى الْإِيجَازُ بِالْإِضْمَارِ حَيْثُ أُرِيدَ وَصْفُ هُودٍ بِأَنَّهُ مِنْ إِخْوَةِ عَادٍ وَمن صَمِيمِهِمْ، مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إِلَى إِعَادَةِ لَفْظِ عَادٍ، وَمَعَ تَجَنُّبِ عَوْدِ الضَّمِيرِ عَلَى مُتَأَخِّرٍ لَفْظًا وَرُتْبَةً، فَقِيلَ وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا وهُوداً بَدَلٌ أَوْ بَيَانٌ مِنْ أَخاهُمْ.

وَعَادٌ أُمَّةٌ عَظِيمَةٌ مِنَ الْعَرَبِ الْعَارِبَةِ الْبَائِدَةِ، وَكَانُوا عَشْرَ قَبَائِلَ، وَقِيلَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ قَبِيلَةً وَهُمْ أَبْنَاءُ عَادِ بْنِ عُوصٍ، وَعُوصٌ هُوَ ابْنُ إِرَمِ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ، كَذَا اصْطَلَحَ الْمُؤَرِّخُونَ.

وَهُودٌ اخْتُلِفَ فِي نَسَبِهِ، فَقِيلَ: هُوَ مِنْ ذُرِّيَّةِ عَادٍ، فَقَالَ الْقَائِلُونَ بِهَذَا: هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحِ بْنِ الْخُلُودِ بْنِ عَادٍ، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ ذُرِّيَّةِ سَامٍ جَدِّ عَادٍ، وَلَيْسَ مِنْ ذُرِّيَّةِ عَادٍ،

وَالْقَائِلُونَ بِهَذَا قَالُوا هُوَ هُودُ بْنُ شَالِخِ بْنِ أَرْفَخْشَدَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ، وَذَكَرَ الْبَغَوِيُّ عَنْ عَلِيٍّ: أَنَّ قَبْرَ هُودٍ بِحَضْرَمَوْتَ فِي كَثِيبٍ أَحْمَرَ، وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ: أَنَّ قَبْرَ هُودٍ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ وَزَمْزَمَ.

وَعَادٌ أُرِيدَ بِهِ الْقَبِيلَةُ وَسَاغَ صَرْفُهُ لِأَنَّهُ ثُلَاثِيٌّ سَاكِنُ الْوَسَطُ، وَكَانَتْ مَنَازِلُ عَادٍ بِبِلَادِ الْعَرَبِ بِالشِّحْرِ- بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ- مِنْ أَرض الْيمن وَحضر موت وَعُمَانَ وَالْأَحْقَافِ، وَهِيَ الرِّمَالُ