للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خِلَالِ الْفَضِيلَةِ، مِنَ الْعَدْلِ وَالرَّأْفَةِ وَحُبِّ الْإِصْلَاحِ، فَلِذَلِكَ وُصِفَ الْمَلَأُ بِالَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا، وَأُطْلِقَ عَلَى الْعَامَّةِ وَصْفُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا.

وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ: لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِتَعْدِيَةِ فِعْلِ الْقَوْلِ.

وَقَوْلُهُ: لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بَدَلٌ مِنْ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا بِإِعَادَةِ حَرْفِ الْجَرِّ الَّذِي جُرَّ بِمِثْلِهِ الْمُبَدَلُ مِنْهُ.

وَالِاسْتِفْهَامُ فِي أَتَعْلَمُونَ لِلتَّشْكِيكِ وَالْإِنْكَارِ، أَيْ: مَا نَظُنُّكُمْ آمَنْتُمْ بِصَالِحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ عِلْمٍ بِصِدْقِهِ، وَلَكِنَّكُمُ اتَّبَعْتُمُوهُ عَنْ عَمًى وَضَلَالٍ غَيْرَ مُوقِنِينَ، كَمَا قَالَ قَوْمُ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ: وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ [هود: ٢٧] وَفِي ذَلِكَ شَوْبٌ مِنَ الِاسْتِهْزَاءِ.

وَقَدْ جِيءَ فِي جَوَاب لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا بِالْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ مُتَمَكِّنٌ مِنْهُمْ بِمَزِيدِ الثَّبَاتِ، فَلَمْ يَتْرُكُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مَطْمَعًا فِي تَشْكِيكِهِمْ، بَلْهَ صَرْفَهُمْ عَنِ الْإِيمَانِ بِرَسُولِهِمْ.

وَأَكَّدَ الْخَبَرُ بِحَرْفِ (إِنَّ) لِإِزَالَةِ مَا تَوَهَّمُوهُ مِنْ شَكِّ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا فِي صِحَّةِ إِيمَانِهِمْ، وَالْعُدُولُ فِي حِكَايَةِ جَوَابِ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا عَنْ أَنْ يَكُونَ بِنَعَمْ إِلَى أَنْ يَكُونَ بِالْمَوْصُولِ صِلَتُهُ لِأَنَّ الصِّلَةَ تَتَضَمَّنُ إِدْمَاجًا بِتَصْدِيقِهِمْ بِمَا جَاءَ بِهِ صَالِحٌ مِنْ نَحْوِ التَّوْحِيدِ وَإِثْبَاتِ الْبَعْثِ، وَالدَّلَالَةِ عَلَى تَمَكُّنِهِمْ مِنَ الْإِيمَانِ بِذَلِكَ كُلِّهِ بِمَا تُفِيدُهُ الْجُمْلَةُ الِاسْمِيَّةُ مِنَ

الثَّبَاتِ وَالدَّوَامِ وَهَذَا مِنْ بَلِيغِ الْإِيجَازِ الْمُنَاسِبِ لِكَوْنِ نَسْجِ هَذِهِ الْجُمْلَةِ مِنْ حِكَايَةِ الْقُرْآنِ لَا مِنَ الْمَحْكِيِّ مِنْ كَلَامِهِمْ إِذْ لَا يُظَنُّ أَنَّ كَلَامَهُمْ بَلَغَ مِنَ الْبَلَاغَةِ هَذَا الْمَبْلَغَ، وَلَيْسَ هُوَ مِنَ الْأُسْلُوبِ الْحَكِيمِ كَمَا فَهِمَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ.

وَمُرَاجَعَةُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بِقَوْلِهِمْ: إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ تَدُلُّ عَلَى تَصَلُّبِهِمْ فِي كُفْرِهِمْ وَثَبَاتِهِمْ فِيهِ، إِذْ صِيغَ كَلَامُهُمْ بِالْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ الْمُؤَكَّدَةِ.

وَالْمَوْصُولُ فِي قَوْلِهِمْ: بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ هُوَ مَا أُرْسِلَ بِهِ صَالِحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَهَذَا كَلَامٌ جَامِعٌ لِرَدِّ مَا جَمَعَهُ كَلَامُ الْمُسْتَضْعَفِينَ حِينَ