الْمُسْلِمِينَ وَكَانَتْ مَكَّةُ لَقَاحًا.
وثُمَّ لِلتَّرَاخِي الْحَقِيقِيِّ وَالرُّتْبِيِّ مِثْلُ الَّتِي قَبْلَهَا.
وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ.
كَانَ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ أَنْ يُقَالَ وَإِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ [آل عمرَان: ١٢] فَعَدَلَ عَنِ الْإِضْمَارِ هُنَا إِلَى الْإِظْهَارِ تَخْرِيجًا عَلَى خِلَافِ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ، لِلْإِفْصَاحِ عَنِ التَّشْنِيعِ بِهِمْ فِي هَذَا
الْإِنْذَارِ حَتَّى يُعَادَ اسْتِحْضَارُ وَصْفِهِمْ بِالْكُفْرِ بِأَصْرَحِ عِبَارَةٍ، وَهَذَا كَقَوْلِ عُوَيْفِ الْقَوَافِي:
اللُّؤْمُ أَكْرَمُ مِنْ وَبْرٍ وَوَالِدِهِ ... وَاللُّؤْمُ أَكْرَمُ مِنْ وَبْرٍ وَمَا وَلَدَا
لِقَصْدِ زِيَادَةِ تَشْنِيعِ وَبْرٍ الْمَهْجُوِّ بِتَقْرِيرِ اسْمِهِ وَاسْمِ اللُّؤْمِ الَّذِي شُبِّهَ بِهِ تَشْبِيهًا بَلِيغًا.
وَعُرِّفُوا بِالْمَوْصُولِيَّةِ إِيمَاءً إِلَى أَنَّ عِلَّةَ اسْتِحْقَاقِهِمُ الْأَمْرَيْنِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ هُوَ وَصْفُ الْكُفْرِ، فَيُعْلَمُ أَنَّ هَذَا يَحْصُلُ لِمَنْ لَمْ يُقْلِعُوا عَنْ هَذَا الْوَصْفِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَمْرَيْنِ بِهِمْ.
ولِيَمِيزَ مُتَعَلِّقٌ بِ يُحْشَرُونَ لِبَيَانِ أَنَّ مِنْ حِكْمَةِ حَشْرِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أَنْ يَتَمَيَّزَ الْفَرِيقُ الْخَبِيثُ مِنَ النَّاسِ مِنَ الْفَرِيقِ الطَّيِّبِ فِي يَوْمِ الْحَشْرِ، لِأَنَّ الْعِلَّةَ غَيْرَ الْمُؤَثِّرَةِ تَكُونُ مُتَعَدِّدَةً، فَتَمْيِيزُ الْخَبِيثِ مِنَ الطَّيِّبِ مِنْ جُمْلَةِ الْحُكْمِ لِحَشْرِ الْكَافِرِينَ إِلَى جَهَنَّمَ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ- لِيَمِيزَ- بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ الْأَوْلَى وَكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ الثَّانِيَةِ- مُضَارِعُ مَازَ بِمَعْنَى فَرَزَ وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ، وَيَعْقُوبُ، وَخَلَفٌ: بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ الْأُولَى وَفَتْحِ الْمِيمِ التَّحْتِيَّةِ وَتَشْدِيدِ الثَّانِيَةِ. مُضَارِعُ مَيَّزَ إِذَا مَحَّصَ الْفَرْزَ وَإِذْ أُسْنِدَ هَذَا الْفِعْلُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى اسْتَوَتِ الْقِرَاءَتَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute