للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَنْهُمْ حَتَّى حَلَّ بِهِمُ الْهَلَاكُ فَجْأَةً. وَهَذِهِ الْآيَةُ تَهْدِيدٌ وَمَوْعِظَةٌ بِمَا حَلَّ بِأَمْثَالِهِمْ.

وَالْجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ: وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ [يُونُس: ١١] بِمَا تَضَمَّنَتْهُ مِنَ الْإِنْذَارِ بِأَنَّ الشَّرَّ قَدْ يَنْزِلُ بِهِمْ وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ غَيْرُ مُعَجَّلٍ، فَضَرَبَ لَهُمْ مَثَلًا بِمَا نَزَلَ بِالْأُمَمِ مِنْ قَبْلِهِمْ فَقَضَى إِلَيْهِمْ بِالْعَذَابِ أَجَلُهُمْ وَقَدْ كَانُوا يَعْرِفُونَ أُمَمًا مِنْهُم أَصَابَهُم الاستيصال مِثْلَ عَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ نُوحٍ.

وَلِتَوْكِيدِ التَّهْدِيدِ وَالْوَعِيدِ أُكِّدَتِ الْجُمْلَةُ بِلَامِ الْقَسَمِ وَقد الَّتِي للتحقيق.

والإهلاك: الاستيصال وَالْإِفْنَاءُ.

وَالْقُرُونُ: جَمْعُ قَرْنٍ وَأَصْلُهُ مُدَّةٌ طَوِيلَةٌ مِنَ الزَّمَانِ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا أَهْلُ الْقُرُونِ.

وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ [٦] .

وَقَوْلُهُ: مِنْ قَبْلِكُمْ حَالٌ مِنَ الْقُرُونِ.

ولَمَّا اسْمُ زَمَانٍ بِمَعْنَى حِينَ عَلَى التَّحْقِيقِ، وَتُضَافُ إِلَى الْجُمْلَةِ.

وَالْعَرَبُ أَكْثَرُوا فِي كَلَامِهِمْ تَقْدِيمَ (لَمَّا) فِي صَدْرِ جُمْلَتِهَا فَأُشِمَّتْ بِذَلِكَ التَّقْدِيمِ رَائِحَةَ الشَّرْطِيَّةِ فَأَشْبَهَتِ الشُّرُوطَ لِأَنَّهَا تُضَافُ إِلَى جُمْلَةٍ فَتُشْبِهُ جُمْلَةَ الشَّرْطِ، وَلِأَنَّ عَامِلَهَا فِعْلُ مُضِيٍّ فَبِذَلِكَ اقْتَضَتْ جُمْلَتَيْنِ فَأَشْبَهَتْ حُرُوفَ الشَّرْطِ.

وَالْمَعْنَى: أَهْلَكْنَاهُمْ حِينَمَا ظَلَمُوا، أَيْ أَشْرَكُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِثْلُ هُودٍ وَصَالِحٍ وَلَمْ يُؤْمِنُوا.

وَجُمْلَةُ: وَجاءَتْهُمْ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ ظَلَمُوا.

وَالْبَيِّنَاتُ: جَمْعُ بَيِّنَةٍ، وَهِيَ الْحُجَّةُ عَلَى الصِّدْقِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَقَدْ جاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ