فِيهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا وَقالَ لَأُوتَيَنَّ مَالا وَوَلَداً [مَرْيَم: ٧٧] . وَهَذَا مِنْ سُوءِ فَهْمِهِ لِمَعْنَى الْبَعْثِ وَتَوَهُّمِهِ أَنَّهُ يُعَادُ لِمَا كَانَ حَالُهُ فِي الدُّنْيَا مِنْ أَهْلٍ وَمَالٍ.
وَالِاسْتِخْفَاءُ: الِاخْتِفَاءُ، فَالسِّينُ وَالتَّاءُ فِيهِ لِلتَّأْكِيدِ مِثْلُ اسْتَجَابَ وَاسْتَأْخَرَ.
وَجُمْلَةُ: أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ إلَخْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ إِتْمَامًا لِجُمْلَةِ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ مُتَّصِلَةً بِهَا فَيَكُونُ حَرْفُ أَلا الثَّانِي تَأْكِيدًا لِنَظِيرِهِ الَّذِي فِي الْجُمْلَةِ قَبْلَهُ لزِيَادَة تَحْقِيق الْخَبَر، فَيَتَعَلَّقُ ظَرْفُ (حِينَ) بِفِعْلِ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ وَيَتَنَازَعُهُ مَعَ فِعْلِ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَتَكُونُ الْحَالَةُ الْمَوْصُوفَةُ حَالَةً وَاحِدَةً مُرَكَّبَةً مِنْ ثَنْيِ الصُّدُورِ وَاسْتِغْشَاءِ الثِّيَابِ.
وَالِاسْتِغْشَاءُ: التَّغَشِّي بِمَا يُغَشِّي، أَيْ يَسْتُرُ، فَالسِّينُ وَالتَّاءُ فِيهِ لِلتَّأْكِيدِ مِثْلُ قَوْلِهِ:
وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ [نوح: ٧] ، مثل اسْتَجَابَ.
وَزِيَادَةُ وَما يُعْلِنُونَ تَصْرِيحٌ بِمَا فُهِمَ مِنَ الْكَلَامِ السَّابِقِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ عِلْمِهِ بِالْخَفِيَّاتِ دُونَ الظَّاهِرِ.
وَجُمْلَةُ: إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ نَتِيجَةٌ وَتَعْلِيلٌ لِلْجُمْلَةِ قَبْلَهُ، أَيْ يُعْلَمُ سِرَّهُمْ وَجَهْرَهُمْ لِأَنَّهُ شَدِيدُ الْعِلْمِ بِالْخَفِيِّ فِي النُّفُوسِ وَهُوَ يَعْلَمُ الْجَهْرَ بِالْأَوْلَى.
فَذَاتُ الصُّدُورِ صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ يُعْلَمُ مِنَ السِّيَاقِ مِنْ قَوْلِهِ عَلِيمٌ أَيِ الْأَشْيَاءَ الَّتِي هِيَ صَاحِبَةُ الصُّدُورِ.
وَكَلِمَةُ (ذَاتِ) مُؤَنَّثُ (ذُو) يُتَوَصَّلُ بِهَا إِلَى الْوَصْفِ بِأَسْمَاءِ الْأَجْنَاسِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ [الْأَنْفَال: ٤٣] وَقَوْلِهِ:
وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ فِي سُورَةِ الْأَنْفَالِ [١] .
وَالصُّدُورُ مُرَادٌ بِهَا النُّفُوسُ لِأَنَّ الْعَرَبَ يُعَبِّرُونَ عَنِ الْحَوَاسِّ الْبَاطِنِيَّةِ بِالصَّدْرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute