وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ بِإِضَافَةِ كُلٍّ إِلَى زَوْجَيْنِ.
وَالزَّوْجُ: شَيْءٌ يَكُونُ ثَانِيًا لِآخَرَ فِي حَالِةٍ. وَأَصْلُهُ اسْمٌ لِمَا يَنْضَمُّ إِلَى فَرْدٍ فَيَصِيرُ زَوْجًا لَهُ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا زَوْجٌ للْآخر. وَالْمرَاد ب زَوْجَيْنِ هُنَا الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى مِنَ النَّوْعِ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ إِضَافَةُ كُلٍّ إِلَى زَوْجَيْنِ، أَيِ احْمِلْ فِيهَا مِنْ أَزْوَاجِ جَمِيعِ الْأَنْوَاعِ.
ومِنْ تَبْعِيضِيَّةٌ، واثْنَيْنِ مَفْعُولُ احْمِلْ، وَهُوَ بَيَانٌ لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ أَنْ يَحْمِلَ كُلَّ زَوْجَيْنِ وَاحِدًا مِنْهُمَا لِأَنَّ الزَّوْجَ هُوَ وَاحِدٌ مِنِ اثْنَيْنِ مُتَّصِلَيْنِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ [١٤٣] . وَلِئَلَّا يَحْمِلَ أَكْثَرَ مِنَ اثْنَيْنِ مِنْ نَوْعٍ لِتَضِيقَ السَّفِينَةُ وَتَثْقُلَ.
وَقَرَأَهُ حَفْصٌ مِنْ كُلٍّ بِتَنْوِينِ كُلٍّ فَيَكُونُ تَنْوِينَ عِوَضٍ عَنْ مُضَافٍ إِلَيْهِ، أَيْ مِنْ كُلِّ الْمَخْلُوقَاتِ، وَيَكُونُ زَوْجَيْنِ مَفْعُولَ احْمِلْ، وَيَكُونُ اثْنَيْنِ صِفَةً لِ زَوْجَيْنِ أَيْ لَا تَزِدْ عَلَى اثْنَيْنِ.
وَأَهْلُ الرَّجُلِ قَرَابَتُهُ وَأَهْلُ بَيْتِهِ وَهُوَ اسْمُ جَمْعٍ لَا وَاحِدَ لَهُ. وَزَوْجُهُ أَوَّلُ مَنْ يُبَادَرُ مِنَ اللَّفْظِ، وَيُطْلَقُ لَفْظُ الْأَهْلِ عَلَى امْرَأَةِ الرَّجُلِ قَالَ تَعَالَى: فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَسارَ بِأَهْلِهِ [الْقَصَص: ٢٩] ، وَقَالَ: وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ [آل عمرَان: ١٢١] أَيْ مِنْ عِنْدِ عَائِشَةَ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-.
ومَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ أَيْ مَنْ مَضَى قَوْلُ اللَّهِ عَلَيْهِ، أَيْ وَعِيدُهُ. فَالتَّعْرِيفُ فِي الْقَوْلُ لِلْعَهْدِ، يَعْنِي إِلَّا مَنْ كَانَ مِنْ أهلك كَافِرًا.، وَمَا صدق هَذَا إِحْدَى امْرَأَتَيْهِ الْمَذْكُورَةِ فِي سُورَةِ التَّحْرِيمِ وَابْنُهُ مِنْهَا الْمَذْكُورُ فِي آخِرِ هَذِهِ الْقِصَّةِ. وَكَانَ لِنُوحٍ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- امْرَأَتَانِ.
وَعُدِّيَ سَبَقَ بِحَرْفِ عَلَى لِتَضْمِينِ سَبَقَ مَعْنَى: حَكَمَ، كَمَا عُدِّيَ بِاللَّامِ فِي قَوْلِهِ: وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ [الصافات: ١٧١] لِتَضْمِينِهِ مَعْنَى الِالْتِزَامِ النَّافِعِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute