للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَجُمْلَةُ مَا لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ اعْبُدُوا أَوْ مِنِ اسْمِ الْجَلَالَةِ.

والإتيان بِالْحَال الاستقصاد إِبْطَالِ شِرْكِهِمْ بِأَنَّهُمْ أَشْرَكُوا غَيْرَهُ فِي عِبَادَتِهِ فِي حَالِ أَنَّهُمْ لَا إِلَهَ لَهُمْ غَيْرُهُ، أَوْ فِي حَالِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ لَهُمْ غَيْرُهُ. وَذَلِكَ تَشْنِيعٌ لِلشِّرْكِ.

وَجُمْلَةُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ تَوْبِيخٌ وَإِنْكَارٌ. فَهِيَ بَيَانٌ لِجُمْلَةِ مَا لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ، أَيْ مَا أَنْتُمْ إِلَّا كَاذِبُونَ فِي ادِّعَاءِ إِلَهِيَّةِ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى.

وَجُمْلَةُ يَا قَوْمِ لَا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ كَانَ قَالَهَا مَعَ الْجُمْلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا فَإِعَادَةُ النِّدَاءِ فِي أَثْنَاءِ الْكَلَامِ تَكْرِيرٌ لِلْأَهَمِّيَّةِ، يُقْصَدُ بِهِ تَهْوِيلُ الْأَمْرِ وَاسْتِرْعَاءُ السَّمْعِ اهْتِمَامًا بِمَا يَسْتَسْمِعُونَهُ، وَالنِّدَاءُ هُوَ الرَّابِطُ بَيْنَ الْجُمْلَتَيْنِ وَإِنْ كَانَتْ مَقُولَةً فِي وَقْتٍ غَيْرِ الَّذِي قِيلَتْ فِيهِ الْجُمْلَةُ الْأُولَى، فَكَوْنُهَا ابْتِدَاءَ كَلَامٍ ظَاهِرٌ.

وَتَقَدَّمَ تَفْسِير لَا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً فِي قِصَّةِ نُوحٍ- عَلَيْهِ السَّلَامُ-، أَيْ لَا أَسْأَلُكُمْ أَجْرًا عَلَى مَا قُلْتُهُ لَكُمْ.

وَالتَّعْبِيرُ بِالْمَوْصُولِ الَّذِي فَطَرَنِي دُونَ الِاسْمِ الْعَلَمِ لِزِيَادَةِ تَحْقِيقِ أَنَّهُ لَا يَسْأَلُهُمْ عَلَى الْإِرْشَادِ أَجْرًا بِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ الَّذِي خَلَقَهُ يَسُوقُ إِلَيْهِ رِزْقَهُ، لِأَنَّ إِظْهَارَ الْمُتَكَلِّمِ عِلْمَهُ

بِالْأَسْبَابِ يُكْسِبُ كَلَامَهُ عَلَى الْمُسَبِّبَاتِ قُوَّةً وَتَحْقِيقًا.

وَلِذَلِكَ عَطَفَ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: أَفَلا تَعْقِلُونَ بِفَاءِ التَّفْرِيعِ عَاطِفَةً اسْتِفْهَامًا إِنْكَارِيًّا عَنْ عَدَمِ تَعَقُّلِهِمْ، أَيْ تَأَمُّلِهِمْ فِي دَلَالَةِ حَالِهِ عَلَى صِدْقِهِ فِيمَا يُبَلِّغُ وَنُصْحِهِ لَهُمْ فِيمَا يَأْمُرُهُمْ. وَالْعَقْلُ: الْعِلْمُ.

وَعَطْفُ جُمْلَةِ وَيا قَوْمِ مِثْلَ نَظِيرِهَا فِي قِصَّةِ نُوحٍ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- آنِفًا.

وَالِاسْتِغْفَارُ: طَلَبُ الْمَغْفِرَةِ لِلذَّنْبِ، أَيْ طَلَبُ عَدَمِ الْمُؤَاخَذَةِ بِمَا مَضَى مِنْهُمْ مِنَ الشِّرْكِ، وَهُوَ هُنَا مُكَنَّى بِهِ عَنْ تَرْكِ عَقِيدَةِ الشّرك، لِأَن الاسْتِغْفَار اللَّهِ يَسْتَلْزِمُ الِاعْتِرَافَ