الْمُسْلِمِينَ، لَا سِيَّمَا وَقَدْ ذُكِرَ مَعَهُ مَا يُنَاسِبُ الْأَوْقَاتَ الْمُعَيَّنَةَ لِلصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَذَلِكَ مَا اقْتَضَاهُ حَدِيثُ أَبِي الْيُسْرِ الْآتِي.
وَطَرَفُ الشَّيْءِ: مُنْتَهَاهُ مِنْ أَوَّلِهِ أَوْ مِنْ آخِرِهِ، فَالتَّثْنِيَةُ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ أَوَّلُ النَّهَارِ وَآخِرُهُ.
والنَّهارِ: مَا بَيْنَ الْفَجْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، سُمِّيَ نَهَارًا لِأَنَّ الضِّيَاءَ يَنْهَرُ فِيهِ، أَيْ يَبْرُزُ كَمَا يَبْرُزُ النَّهْرُ.
وَالْأَمْرُ بِالْإِقَامَةِ يُؤْذِنُ بِأَنَّهُ عَمَلٌ وَاجِبٌ لِأَنَّ الْإِقَامَةَ إِيقَاعُ الْعَمَلِ عَلَى مَا يَسْتَحِقُّهُ، فَتَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّلَاةِ هُنَا الصَّلَاةُ الْمَفْرُوضَةُ، فَالطَّرَفَانِ ظَرْفَانِ لِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ، فَعُلِمَ أَنَّ الْمَأْمُورَ إِيقَاعُ صَلَاةٍ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ وَهِيَ الصُّبْحُ وَصَلَاةٍ فِي آخِرِهِ وَهِيَ الْعَصْرُ وَقِيلَ الْمَغْرِبُ.
وَالزُّلَفُ: جَمْعُ زُلْفَةٍ مِثْلَ غُرْفَةٍ وَغُرَفٍ، وَهِيَ السَّاعَةُ الْقَرِيبَةُ مِنْ أُخْتِهَا، فَعُلِمَ أَنَّ الْمَأْمُورَ إِيقَاعُ الصَّلَاةِ فِي زُلَفٍ مِنَ اللَّيْلِ، وَلَمَّا لَمْ تُعَيَّنِ الصَّلَوَاتُ الْمَأْمُورُ بِإِقَامَتِهَا فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ مِنَ الزَّمَانِ كَانَ ذَلِكَ مُجْمَلًا فَبَيَّنَتْهُ السُّنَّةُ وَالْعَمَلُ الْمُتَوَاتِرُ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ هِيَ الصُّبْحُ وَالظُّهْرُ وَالْعَصْرُ وَالْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ، وَكَانَ ذَلِكَ بَيَانًا لِآيَاتٍ كَثِيرَةٍ فِي الْقُرْآنِ كَانَتْ مُجْمَلَةً فِي تَعْيِينِ أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى: أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً [الْإِسْرَاء: ٧٨] .
وَالْمَقْصُودُ أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ أَوَّلَ أَعْمَالِ الْمُسْلِمِ إِذَا أَصْبَحَ وَهِيَ صَلَاةُ الصُّبْحِ وَآخِرَ أَعْمَالِهِ إِذَا أَمْسَى وَهِيَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ لِتَكُونَ السَّيِّئَاتُ الْحَاصِلَةُ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ مَمْحُوَّةً بِالْحَسَنَاتِ الْحَافَّةِ بِهَا. وَهَذَا مُشِيرٌ إِلَى حِكْمَةِ كَرَاهَةِ الْحَدِيثِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ لِلْحَثِّ عَلَى الصَّلَاةِ وَخَاصَّةً مَا كَانَ مِنْهَا فِي أَوْقَاتِ تَعَرُّضِ الْغَفْلَةِ عَنْهَا. وَقَدْ ثَبَتَ وُجُوبُهُمَا بِأَدِلَّةٍ أُخَرَ وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَا يَقْتَضِي حَصْرَ الْوُجُوبِ فِي الْمَذْكُورِ فِيهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute