وَإِنَّ الَّذِي يَسْعَى لِيُفْسِدَ زَوْجَتِي ... كَسَاعٍ إِلَى أَسد الثرى يَسْتَبِيلُهَا
وَتَسَامَحَ الْفُقَهَاءُ فِي إِلْحَاقِ عَلَامَةِ التَّأْنِيثِ لِلزَّوْجِ إِذَا أَرَادُوا بِهِ امْرَأَةَ الرَّجُلِ لِقَصْدِ نَفْيِ الِالْتِبَاسِ فِي تَقْرِيرِ الْأَحْكَامِ فِي كُتُبِهِمْ فِي مِثْلِ قَوْلِهِمُ: الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ، أَوِ الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجَةِ وَهُوَ صَنِيعٌ حَسَنٌ.
وَفِي «صَحِيحِ مُسْلِمٍ» عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُحَدِّثُ إِحْدَى نِسَائِهِ فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ فَدَعَاهُ يَا فُلَانٌ فَجَاءَ فَقَالَ لَهُ: هَذِهِ زَوْجَتَيْ فُلَانَةٌ»
الْحَدِيثَ، فَقَوْلُهُ: زَوْجَتِي بِالتَّاءِ فَتَعَيَّنَ كَوْنُهُ مِنْ عِبَارَةِ رَاوِي الْحَدِيثِ فِي السَّنَدِ إِلَى أَنَسٍ وَلَيْسَتْ بِعِبَارَةِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَطَوَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ خَلْقَ زَوْجِ آدَمَ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي آيَاتٍ أُخْرَى كَقَوْلِهِ تَعَالَى: الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها [النِّسَاء: ١] وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ وَسُورَةِ الْأَعْرَافِ [١٨٩] .
وَلَمْ يَرِدِ اسْمُ زَوْجِ آدَمَ فِي الْقُرْآنِ وَاسْمُهَا عِنْدَ الْعَرَبِ حَوَّاءُ وَوَرَدَ ذِكْرُ اسْمِهَا
فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ ابْنُ سَعْدٍ فِي «طَبَقَاتِهِ» عَنْ خَالِدِ بْنِ خِدَاشٍ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ يَبْلُغُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «النَّاسُ لِآدَمَ وَحَوَّاءَ كَطَفٍّ لصاع لن يملأوه»
الْحَدِيثَ (طَفُّ الْمِكْيَالِ- بِفَتْحِ الطَّاءِ وَكَسْرِهَا- مَا قَرُبَ مِنْ مَلْئِهِ) أَيْ هُمْ لَا يَبْغُونَ الْكَمَالَ فَإِنَّ كُلَّ كَمَالٍ مِنَ الْبَشَرِ قَابِلٌ لِلزِّيَادَةِ.
وَخَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ بَصَرِيٌّ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَأَبُو حَاتِمٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَضَعَّفَهُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ. فَاسْمُ زَوْجِ آدَمَ عِنْدَ الْعَرَبِ حَوَّاءُ وَاسْمُهَا فِي الْعِبْرَانِيَّةِ مُضْطَرَبٌ فِيهِ، فَفِي سِفْرِ التَّكْوِينِ فِي الْإِصْحَاحِ الثَّانِي أَنَّ اسْمَهَا امْرَأَةٌ سَمَّاهَا كَذَلِكَ آدَمُ قَالَ: لِأَنَّهَا مِنِ امْرِئٍ أُخِذَتْ. وَفِي الْإِصْحَاحِ الثَّالِثِ أَنَّ آدَمَ دَعَا اسْمَ امْرَأَتِهِ حَوَّاءَ لِأَنَّهَا أُمُّ كُلِّ حَيٍّ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ نَامَ آدَمُ فَخُلِقَتْ حَوَّاءُ مِنْ ضِلَعِهِ فَاسْتَيْقَظَ وَوَجَدَهَا عِنْدَهُ فَقَالَ: أَثَا أَيِ امْرَأَةٌ بِالنَّبَطِيَّةِ، أَيِ اسْمُهَا بِالنَّبَطِيَّةِ الْمَرْأَةُ كَمَا سَمَّاهَا آدَمُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ [الْبَقَرَة: ٣١] أَنَّ آدَمَ دَعَا نَفْسَهُ، إِيشَ، فَلَعَلَّ أثا محرقة عَنْ إِشَا. وَاسْمهَا بالعبرية (خمواه) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَبَهَاءٍ بَعْدَ الْأَلْفِ وَيُقَالُ أَيْضًا حَيْوَا بِحَاءٍ مُهْمِلَةٍ وَأَلِفٍ فِي آخِرِهِ فَصَارَتْ بِالْعَرَبِيَّةِ حَوَّاءَ وَصَارَتْ فِي الطليانية إِيپاوفي الفرنسية أَيپ. وَفِي التَّوْرَاةِ أَنَّ حَوَّاءَ خُلِقَتْ فِي الْجَنَّةِ بَعْدَ أَنْ أُسْكِنَ آدَمُ فِي الْجَنَّةِ وَأَنَّ اللَّهَ خَلَقَهَا لِتُؤْنِسَهُ قَالَ تَعَالَى: وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها [الْأَعْرَاف: ١٨٩] أَيْ يَأْنَسَ.
وَالْأَمْرُ فِي اسْكُنْ أَمْرُ إِعْطَاءٍ أَيْ جَعَلَ اللَّهُ آدَمَ هُوَ وَزَوْجَهُ فِي الْجَنَّةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute