للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَفَائِدَةُ إِرْسَالِهِ إِلَى أَبِيهِ الْقَمِيصَ أَنْ يَثِقَ أَبُوهُ بِحَيَاتِهِ وَوُجُودِهِ فِي مِصْرَ، فَلَا يَظُنُّ الدَّعْوَةَ إِلَى قُدُومِهِ مَكِيدَةً مِنْ مَلِكِ مِصْرَ، وَلِقَصْدِ تَعْجِيلِ الْمَسَرَّةِ لَهُ.

وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ جَعَلَ إِرْسَالَ قَمِيصِهِ عَلَامَةً عَلَى صِدْقِ إِخْوَتِهِ فِيمَا يُبَلِّغُونَهُ إِلَى أَبِيهِمْ مِنْ أَمْرِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِجَلْبِهِ فَإِنَّ قُمْصَانَ الْمُلُوكِ وَالْكُبَرَاءِ تُنْسَجُ إِلَيْهِمْ خِصِّيصًا وَلَا تُوجَدُ أَمْثَالُهَا عِنْدَ النَّاسِ وَكَانَ الْمُلُوكُ يَخْلَعُونَهَا عَلَى خَاصَّتِهِمْ، فَجَعَلَ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِرْسَالَ قَمِيصِهِ عَلَامَةً لِأَبِيهِ عَلَى صِدْقِ إِخْوَتِهِ أَنَّهُمْ جَاءُوا مِنْ عِنْدِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِخَبَرِ صِدْقٍ.

وَمِنَ الْبَعِيدِ مَا قِيلَ: إِنَّ الْقَمِيصَ كَانَ قَمِيصَ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعَ أَنَّ قَمِيصَ يُوسُفَ قَدْ جَاءَ بِهِ إِخْوَتُهُ إِلَى أَبِيهِمْ حِينَ جَاءُوا عَلَيْهِ بِدَمٍ كَذِبٍ.

وَأَمَّا إِلْقَاءُ الْقَمِيصِ عَلَى وَجْهِ أَبِيهِ فَلِقَصْدِ الْمُفَاجَأَةِ بِالْبُشْرَى لِأَنَّهُ كَانَ لَا يُبْصِرُ مِنْ بَعِيدٍ فَلَا يَتَبَيَّنُ رِفْعَةَ الْقَمِيصِ إِلَّا مِنْ قُرْبٍ.

وَأَمَّا كَوْنُهُ يَصِيرُ بَصِيرًا فَحَصَلَ لِيُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْوَحْيِ فَبَشَّرَهُمْ بِهِ مِنْ ذَلِكَ الْحِينِ. وَلَعَلَّ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَام نبيء سَاعَتَئِذٍ.

وَأُدْمِجَ الْأَمْرُ بِالْإِتْيَانِ بِأَبِيهِ فِي ضِمْنِ تَبْشِيرِهِ بِوُجُودِهِ إِدْمَاجًا بَلِيغًا إِذْ قَالَ: يَأْتِ بَصِيراً ثُمَّ قَالَ: وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ لِقَصْدِ صِلَةِ أَرْحَامِ عَشِيرَتِهِ. قَالَ الْمُفَسِّرُونَ:

وَكَانَتْ عَشِيرَةُ يَعْقُوبَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- سِتًّا وَسَبْعِينَ نَفْسًا بَيْنَ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ