(١٠٠)
طَوَى ذِكْرَ سَفَرِهِمْ مِنْ بِلَادِهِمْ إِلَى دُخُولِهِمْ عَلَى يُوسُفَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- إِذْ لَيْسَ فِيهِ مِنَ الْعِبَرِ شَيْءٌ.
وَأَبَوَاهُ أَحَدُهُمَا يَعْقُوبُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَمَّا الْآخَرُ فَالصَّحِيحُ أَنَّ أُمَّ يُوسُفَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- وَهِيَ (رَاحِيلُ) تُوُفِّيَتْ قَبْلَ ذَلِكَ حِينَ وَلَدَتْ بِنْيَامِينَ، وَلِذَلِكَ قَالَ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ: أُطْلِقَ الْأَبَوَانِ عَلَى الْأَبِ زوج الْأَبِ وَهِيَ (لِيئَةُ) خَالَةُ يُوسُفَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- وَهِيَ الَّتِي تَوَلَّتْ تَرْبِيَتَهُ عَلَى طَرِيقَةِ التَّغْلِيبِ وَالتَّنْزِيلِ.
وَإِعَادَةُ اسْمِ يُوسُفَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- لِأَجْلِ بُعْدِ الْمُعَادِ.
وَقَوْلُهُ: ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ جُمْلَةٌ دِعَائِيَّةٌ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: إِنْ شاءَ اللَّهُ لِكَوْنِهِمْ قَدْ دَخَلُوا مِصْرَ حِينَئِذٍ. فَالْأَمْرُ فِي ادْخُلُوا لِلدُّعَاءِ كَالَّذِي فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ [الْأَعْرَاف: ٤٩] .
وَالْمَقْصُودُ: تَقْيِيدُ الدُّخُولِ بِ آمِنِينَ وَهُوَ مَنَاطُ الدُّعَاءِ.
وَالْأَمْنُ: حَالَةُ اطْمِئْنَانِ النَّفْسِ وَرَاحَةِ الْبَالِ وَانْتِفَاءِ الْخَوْفِ مِنْ كُلِّ مَا يُخَافُ مِنْهُ، وَهُوَ يَجْمَعُ جَمِيعَ الْأَحْوَالِ الصَّالِحَةِ لِلْإِنْسَانِ مِنَ الصِّحَّةِ وَالرِّزْقِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَلِذَلِكَ قَالُوا فِي دَعْوَةِ إِبْرَاهِيمَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً إِنَّهُ جَمَعَ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ جَمِيعَ مَا يُطْلَبُ لِخَيْرِ الْبَلَدِ.
وَجُمْلَةُ إِنْ شاءَ اللَّهُ تَأَدُّبٌ مَعَ اللَّهِ كَالِاحْتِرَاسِ فِي الدُّعَاءِ الْوَارِدِ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ وَهُوَ لِمُجَرَّدِ التَّيَمُّنِ، فَوُقُوعُهُ فِي الْوَعْدِ وَالْعَزْمِ وَالدُّعَاءِ بِمَنْزِلَةِ وُقُوعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute