يَكُونُ مُطْمِعًا فِي إِيمَانِهِمْ عُقِّبَ بِإِعْلَامِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ.
والنَّاسِ يَجُوزُ حَمْلُهُ عَلَى جَمِيعِ جِنْسِ النَّاسِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ نَاسٌ مُعَيَّنُونَ وَهُمُ الْقَوْمُ الَّذِينَ دَعَاهُمُ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ وَمَا حَوْلَهَا، فَيَكُونُ عُمُومًا عُرْفِيًّا.
وَجُمْلَةُ وَلَوْ حَرَصْتَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ اسْمِ مَا وَخَبَرِهَا.
وَلَوْ هَذِهِ وَصْلِيَّةٌ، وَهِيَ الَّتِي تُفِيدُ أَنَّ شَرْطَهَا هُوَ أَقْصَى الْأَسْبَابِ لِجَوَابِهَا. وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهَا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدى بِهِ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ [٩١] .
وَجَوَابُ لَوْ هُوَ وَما أَكْثَرُ النَّاسِ مُقَدَّمٌ عَلَيْهَا أَوْ دَلِيلُ الْجَوَابِ.
وَالْحِرْصُ: شِدَّةُ الطَّلَبِ لِتَحْصِيلِ شَيْءٍ وَمُعَاوَدَتِهِ. وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ فِي آخِرِ سُورَةِ بَرَاءَةَ [١٢٨] .
وَجُمْلَة وَما تَسْئَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ وَما أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَى آخِرِهَا بِاعْتِبَارِ مَا أَفَادَتْهُ مِنَ التَّأْيِيسِ مِنْ إِيمَانِ أَكْثَرِهِمْ. أَيْ لَا يَسُوءُكَ عَدَمُ إِيمَانِهِمْ فَلَسْتَ تَبْتَغِي أَنْ يَكُونَ إِيمَانُهُمْ جَزَاءً عَلَى التَّبْلِيغِ بَلْ إِيمَانُهُمْ لِفَائِدَتِهِمْ، كَقَوْلِهِ: قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ [سُورَة الحجرات: ١٧] .
وَضَمِيرُ الْجَمْعِ فِي قَوْله: وَما تَسْئَلُهُمْ عَائِدٌ إِلَى النَّاسِ، أَيِ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمُ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَجُمْلَةُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ بِمَنْزِلَةِ التَّعْلِيلِ لجملة وَما تَسْئَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ. وَالْقَصْرُ إِضَافِيٌّ، أَيْ مَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ لَا لِتَحْصِيلِ أَجْرِ مُبَلِّغِهِ.
وَضَمِيرُ عَلَيْهِ عَائِدٌ إِلَى الْقُرْآنِ الْمَعْلُومِ مِنْ قَوْلِهِ: ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ [يُوسُف: ١٠٢] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute