للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَإِذْ قَدْ كَانَ خَلْقُ اللَّهِ الْعَوَالِمَ وَغَيْرَهَا مَعْلُومًا لَدَى الْمُشْرِكِينَ وَلَكِنَّ الْإِقْبَالَ عَلَى عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ يُذْهِلُهُمْ عَنْ تَذَكُّرِهِ كَانُوا غَيْرَ مُحْتَاجِينَ لِأَكْثَرَ مِنَ التَّذْكِيرِ بِذَلِكَ وَبِالتَّنْبِيهِ إِلَى مَا قَدْ يَخْفَى مِنْ دَقَائِقِ التَّكْوِينِ كَقَوْلِهِ آنِفًا بِغَيْرِ عَمَدٍ [الرَّعْد: ٢]- وَقَوْلِهِ: وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ [الرَّعْد: ٤] إِلَخْ صِيغَ الْإِخْبَارُ عَنِ الْخَلْقِ فِي آيَةِ: اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ [الرَّعْد: ٢] إِلَخْ بِطَرِيقَةِ الْمَوْصُولِ لِلْعِلْمِ بِثُبُوتِ مَضْمُونِ الصِّلَةِ لِلْمُخْبَرِ عَنْهُ.

وَجِيءَ فِي تِلْكَ الصِّلَةِ بِفِعْلِ الْمُضِيِّ فَقَالَ: اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ كَمَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ آنِفًا. فَأَمَّا هُنَا فَصِيغَ الْخَبَرُ بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ الْمُفِيدِ لِلتَّجَدُّدِ وَالتَّكْرِيرِ لِإِفَادَةِ أَنَّ ذَلِكَ الْعِلْمَ مُتَكَرِّرٌ مُتَجَدِّدُ التَّعَلُّقِ بِمُقْتَضَى أَحْوَالِ الْمَعْلُومَاتِ الْمُتَنَوِّعَةِ وَالْمُتَكَاثِرَةِ عَلَى نَحْوِ مَا قُرِّرَ فِي قَوْلِهِ: يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِ [الرَّعْد: ٢] .

وَذُكِرَ مِنْ مَعْلُومَاتِ اللَّهِ مَا لَا نِزَاعَ فِي أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ مِنَ الْخَلْقِ يَوْمَئِذٍ وَلَا تُسْتَشَارُ فِيهِ آلِهَتُهُمْ عَلَى وَجْهِ الْمِثَالِ بِإِثْبَاتِ الْجُزْئِيِّ لِإِثْبَاتِ الْكُلِّيِّ، فَمَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى هِيَ أَجِنَّةُ الْإِنْسَانِ وَالْحَيَوَانِ. وَلِذَلِكَ جِيءَ بِفِعْلِ الْحَمْلِ دُونَ الْحَبَلِ لِاخْتِصَاصِ الْحَبَلِ بِحَمْلِ الْمَرْأَةِ.

وَمَا مَوْصُولَةٌ، وَعُمُومُهَا يَقْتَضِي عِلْمَ الله بِحَال الْحل الْمَوْجُودِ مِنْ ذُكُورَةٍ وَأُنُوثَةٍ، وَتَمَامٍ وَنَقْصٍ، وَحُسْنٍ وَقُبْحٍ، وَطُولٍ وَقِصَرٍ، وَلَوْنٍ.

وَتَغِيضُ: تَنْقُصُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ عَنِ الْعُلُوقِ لِأَنَّ غَيْضَ الرَّحِمِ انْحِبَاسُ دَمِ الْحَيْضِ عَنْهَا، وَازْدِيَادُهَا: فَيَضَانُ الْحَيْضِ مِنْهَا. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْغَيْضُ مُسْتَعَارًا لِعَدَمِ التَّعَدُّدِ.

وَالِازْدِيَادُ: التَّعَدُّدُ أَيْ مَا يَكُونُ فِي الْأَرْحَامِ مِنْ جَنِينٍ وَاحِدٍ أَوْ عِدَّةِ أَجِنَّةٍ وَذَلِكَ فِي الْإِنْسَانِ وَالْحَيَوَانِ.

وَجُمْلَةُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى.

فَالْمُرَادُ بِالشَّيْءِ الشَّيْءُ مِنَ الْمَعْلُومَاتِ. وعِنْدَهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ