وَقَوْلُهُ: أَنْ يُوصَلَ بَدَلٌ مِنْ ضَمِيرِ بِهِ، أَيْ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِوَصْلِهِ. وَجِيءَ بِهَذَا النَّظْمِ لِزِيَادَةِ تَقْرِيرِ الْمَقْصُودِ وَهُوَ الْأَرْحَامُ بَعْدَ تَقْرِيرِهِ بِالْمَوْصُولِيَّةِ.
وَالْخَشْيَةُ: خَوْفٌ بِتَعْظِيمِ الْمَخُوفِ مِنْهُ وَتَقَدَّمَتْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [٤٥] . وَتُطْلَقُ عَلَى مُطْلَقِ الْخَوْفِ.
وَالْخَوْفُ: ظَنُّ وُقُوعِ الْمَضَرَّةِ مِنْ شَيْءٍ. وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِلَّا أَنْ يَخافا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [٢٢٩] .
وسُوءَ الْحِسابِ مَا يَحُفُّ بِهِ مِمَّا يَسُوءُ الْمُحَاسَبُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ آنِفًا، أَيْ يَخَافُونَ وُقُوعَهُ عَلَيْهِمْ فيتركون الْعَمَل السيّء.
وَجَاءَتِ الصِّلَاتُ الَّذِينَ يُوفُونَ والَّذِينَ يَصِلُونَ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِمَا بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ فِي تِلْكَ الْأَفْعَالِ الْخَمْسَةِ لِإِفَادَةِ التَّجَدُّدِ كِنَايَةً عَنِ الِاسْتِمْرَارِ.
وَجَاءَتْ صِلَةُ وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهَا وَهُوَ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا بِصِيغَةِ الْمُضِيِّ لِإِفَادَةِ تَحَقُّقِ هَذِهِ الْأَفْعَالِ الثَّلَاثَةِ لَهُمْ وَتَمَكُّنِهَا مِنْ أَنْفُسِهِمْ تَنْوِيهًا بِهَا لِأَنَّهَا أُصُولٌ لِفَضَائِلِ الْأَعْمَالِ.
فَأَمَّا الصَّبْرُ فَلِأَنَّهُ مِلَاكُ اسْتِقَامَةِ الْأَعْمَالِ وَمَصْدَرِهَا فَإِذَا تَخَلَّقَ بِهِ الْمُؤمن صدرت عَنْهَا لحسنات وَالْفَضَائِلُ بِسُهُولَةٍ، وَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى: إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ [سُورَة الْعَصْر: ٢- ٣] .
وَأَمَّا الصَّلَاةُ فَلِأَنَّهَا عِمَادُ الدِّينِ وَفِيهَا مَا فِي الصَّبْرِ مِنَ الْخَاصِّيَّةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ [سُورَة الْبَقَرَة: ٤٥] .
وَأَمَّا الْإِنْفَاقُ فَأَصْلُهُ الزَّكَاةُ، وَهِيَ مُقَارِنَةٌ لِلصَّلَاةِ كُلَّمَا ذُكِرَتْ، وَلَهَا الْحَظُّ الْأَوْفَى مِنِ اعْتِنَاءِ الدِّينِ بِهَا، وَمِنْهَا النَّفَقَاتُ وَالْعَطَايَا كُلُّهَا، وَهِيَ أَهَمُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute