وَالْآبَاءُ يَشْمَلُ الْأُمَّهَاتِ عَلَى طَرِيقَةِ التَّغْلِيبِ كَمَا قَالُوا: الْأَبَوَيْنِ.
وَجُمْلَةُ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ عَطْفٌ عَلَى يَدْخُلُونَها فَهِيَ فِي مَوْقِعِ الْحَالِ. وَهَذَا مِنْ كَرَامَتِهِمْ وَالتَّنْوِيهِ بِهِمْ، فَإِنَّ تَرَدُّدَ رُسُلِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ مَظْهَرٌ مِنْ مَظَاهِرِ إِكْرَامِهِ.
وَذِكْرُ مِنْ كُلِّ بابٍ كِنَايَةٌ عَنْ كَثْرَةٍ غِشْيَانِ الْمَلَائِكَةِ إِيَّاهُمْ بِحَيْثُ لَا يَخْلُو بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ بُيُوتِهِمْ لَا تَدْخُلُ مِنْهُ مَلَائِكَةٌ. ذَلِكَ أَنَّ هَذَا الدُّخُولَ لَمَّا كَانَ مَجْلَبَةَ مَسَرَّةٍ كَانَ كَثِيرًا فِي الْأَمْكِنَةِ. وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ ذَلِكَ كَثِيرٌ فِي الْأَزْمِنَةِ فَهُوَ مُتَكَرِّرٌ لِأَنَّهُمْ مَا دَخَلُوا مِنْ كُلِّ بَابٍ إِلَّا لِأَنَّ كُلَّ بَابٍ مَشْغُولٌ بِطَائِفَةٍ مِنْهُمْ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ مَنْ كُلِّ بَابٍ فِي كُلِّ آنٍ.
وَجُمْلَةُ سَلامٌ عَلَيْكُمْ مَقُولُ قَوْلٍ مَحْذُوفٍ لِأَنَّ هَذَا لَا يَكُونُ إِلَّا كَلَامًا مِنَ الدَّاخِلِينَ. وَهَذَا تَحِيَّةٌ يُقْصَدُ مِنْهَا تَأْنِيسُ أَهْلِ الْجَنَّةِ.
وَالْبَاءُ فِي بِما صَبَرْتُمْ لِلسَّبَبِيَّةِ، وَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْكَوْنِ الْمُسْتَفَادِ مِنَ الْمَجْرُورِ وَهُوَ عَلَيْكُمْ. وَالتَّقْدِيرُ: نَالَكُمْ هَذَا التَّكْرِيمُ بِالسَّلَامِ بِسَبَبِ صَبْرِكُمْ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِمَحْذُوفٍ مُسْتَفَادٍ مِنَ الْمَقَامِ، أَيْ هَذَا النَّعِيمُ الْمُشَاهَدُ بِمَا صَبَرْتُمْ.
وَالْمُرَادُ: الصَّبْرُ عَلَى مَشَاقِّ التَّكَالِيفِ وَعَلَى مَا جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ.
وَفُرِّعَ عَلَى ذَلِكَ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ تَفْرِيعَ ثَنَاءٍ عَلَى حُسْنِ عَاقِبَتِهِمْ. وَالْمَخْصُوصُ بِالْمَدْحِ مَحْذُوفٌ لِدَلَالَةِ مَقَامِ الْخِطَابِ عَلَيْهِ. وَالتَّقْدِيرُ: فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ دَارُ عُقْبَاكُمْ. وَتَقَدَّمَ مَعْنَى عُقْبَى الدَّارِ آنِفا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute