وَالْبَوَارُ: الْهَلَاكُ وَالْخُسْرَانُ. وَدَارُهُ: مَحَلُّهُ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ.
وَالْإِحْلَالُ بِهَا الْإِنْزَالُ فِيهَا، وَالْمُرَادُ بِالْإِحْلَالِ التَّسَبُّبُ فِيهِ، أَيْ كَانُوا سَبَبًا لِحُلُولِ قَوْمِهِمْ بِدَارِ الْبَوَارِ، وَهِيَ جَهَنَّمُ فِي الْآخِرَةِ، وَمَوَاقِعُ الْقَتْلِ وَالْخِزْيِ فِي الدُّنْيَا مِثْلُ: مَوْقِعِ بَدْرٍ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ دارَ الْبَوارِ جَهَنَّمَ، وَبِهِ فَسَّرَ عَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَكَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ أَرْضَ بَدْرٍ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ عَلِيٍّ وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَاسْتِعْمَالُ صِيغَةِ الْمُضِيِّ فِي أَحَلُّوا لِقَصْدِ التَّحْقِيقِ لِأَنَّ الْإِحْلَالَ مُتَأَخِّرٌ زَمَنُهُ فَإِنَّ السُّورَةَ مَكِّيَّةٌ.
وَالْمُرَادُ بِ الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ صَنَادِيدُ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قُرَيْشٍ، فَعَلَى تَفْسِيرِ دارَ الْبَوارِ بِدَارِ الْبَوَارِ فِي الْآخِرَةِ يَكُونُ قَوْلُهُ جَهَنَّمَ بَدَلًا مِنْ دارَ الْبَوارِ وَجُمْلَةُ يَصْلَوْنَها حَالًا مِنْ جَهَنَّمَ، فَتُخَصُّ دارَ الْبَوارِ بِأَعْظَمِ أَفْرَادِهَا وَهُوَ النَّارُ، وَيُجْعَلُ ذَلِكَ مِنْ ذِكْرِ بَعْضِ الْأَفْرَادِ لِأَهَمِّيَّتِهِ.
وَعَلَى تَفْسِيرِ دارَ الْبَوارِ بِأَرْضِ بَدْرٍ يَكُونُ قَوْلُهُ: جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها جُمْلَةً مُسْتَأْنَفَةً اسْتِئْنَافًا ابْتِدَائِيًّا. وَانْتِصَابُ جَهَنَّمَ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ فِعْلُ يَصْلَوْنَها عَلَى طَرِيقَةِ الِاشْتِغَالِ.
وَمَا يَرْوُونَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وَعَنْ عَلِيٍّ- كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ- أَنَّ الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً هُمُ الْأَفْجَرَانِ مِنْ قُرَيْشٍ: بَنُو أُمَيَّةَ وَبَنُو الْمُغِيرَةِ بْنِ مَخْزُومٍ، قَالَ: فَأَمَّا بَنُو أُمَيَّةَ فَمُتِّعُوا إِلَى حِينٍ وَأَمَّا بَنُو الْمُغِيرَةِ فَكَفَيْتُمُوهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ. فَلَا أَحْسَبُهُ إِلَّا مِنْ وَضْعِ بَعْضِ الْمُغْرِضِينَ الْمُضَادِّينَ لِبَنِي أُمَيَّةَ. وَفِي رِوَايَاتٍ عَنْ عَلِيٍّ- كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ- أَنَّهُ قَالَ: هُمْ كُفَّارُ قُرَيْشٍ، وَلَا يُرِيدُ عُمَرُ وَلَا عَلِيٌّ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- مَنْ أَسْلَمُوا مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَقُولُهُ مُسْلِمٌ فاحذروا الأفهام الخطئة. وَكَذَا مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute