يَكُونُ حَقًّا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تِلْكَ الْكَلِمَةُ مِنَ الْحَقِّ يَخْطِفُهَا الْجِنِّيُّ فَيُقِرُّهَا فِي أُذُنِ وَلَيِّهِ قَرَّ الدَّجَاجَةِ (١) فَيَخْلِطُونَ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ كِذْبَةٍ
. وَمَا فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْحِجْرِ
مِنْ «صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ» مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ نبيء اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا قَضَى اللَّهُ الْأَمْرَ فِي السَّمَاءِ (أَيْ أَمَرَ أَوْ أَوْحَى) وَضَرَبَتِ الْمَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ «فَإِنَّهُمُ الْمَأْمُورُونَ كُلٌّ فِي وَظِيفَتِهِ» كَالسِّلْسِلَةِ عَلَى صَفْوَانٍ يَنْفُذُهُمْ ذَلِكَ (أَيْ يَحْصُلُ الْعِلْمُ لَهُمْ. وَتَقْرِيبُهَا حَرَكَاتُ آلَةِ تَلَقِّي الرَّسَائِلِ الْبَرْقِيَّةِ- تِلِغْرَافُ) ...
فَيَسْمَعُهَا مُسْتَرِقُو السَّمْعَ، وَمُسْتَرِقُو السَّمْعَ هَكَذَا وَاحِدٌ فَوْقَ آخَرَ (أَيْ هِيَ طَبَقَاتٌ مُفَاوَتَةٌ فِي الْعُلُوِّ) . وَوَصْفُ سُفْيَان بِيَدِهِ فحرّفها وَفَرَّجَ بَيْنَ أَصَابِعِ يَدِهِ الْيُمْنَى نَصَبَهَا بَعْضَهَا فَوْقَ بَعْضٍ (فَيَسْمَعُ الْمُسْتَرِقُ الْكَلِمَةَ فَيُلْقِيهَا إِلَى مَنْ تَحْتَهُ ثُمَّ يُلْقِيهَا الْآخَرُ إِلَى مَنْ تَحْتَهُ حَتَّى يُلْقِيَهَا عَلَى لِسَانِ الْكَاهِنِ أَوِ السَّاحِرِ) ، فَرُبَّمَا أَدْرَكَ الشِّهَابُ الْمُسْتَمِعَ قَبْلَ أَنْ يُلْقِيَهَا، وَرُبَّمَا أَلْقَاهَا قبل أَن يُدْرِكهَا فَيَكْذِبُ مَعَهَا مِائَةَ كِذْبَةٍ. فَيَقُولُونَ: أَلَمْ يُخْبِرْنَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا يَكُونُ كَذَا وَكَذَا فَوَجَدْنَاهُ حَقًّا لِلْكَلِمَةِ الَّتِي سُمِعَتْ مِنَ السَّمَاءِ»
. أَمَّا أَخْبَارُ الْكُهَّانِ وَقِصَصُهُمْ فَأَكْثَرُهَا مَوْضُوعَاتٌ وَتَكَاذِيبُ. وَأَصَحُّهَا حَدِيثُ سَوَادِ بْنِ قَارِبٍ فِي قِصَّةِ إِسْلَامِ عُمَرَ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- مِنْ «صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ» .
وَهَذِهِ الظَّوَاهِرُ كُلُّهَا لَا تَقْتَضِي إِلَّا إِدْرَاكَ الْمَسْمُوعَاتِ مِنْ كَلَامِ الْمَلَائِكَةِ. وَلَا مَحَالَةَ أَنَّهَا مُقَرَّبَةٌ بِالْمَسْمُوعَاتِ، لِأَنَّهَا دَلَالَةٌ عَلَى عَزَائِمِ النُّفُوسِ الْمَلَكِيَّةِ وَتَوَجُّهَاتِهَا نَحْوَ مُسَخَّرَاتِهِا.
وَعَبَّرَ عَنْهُ بِالسَّمْعِ لِأَنَّهُ يُؤَوَّلُ إِلَى الْخَبَرِ، فَالَّذِي يَحْصُلُ لِمُسْتَرِقِ السَّمْعِ شُعُورُ مَا تَتَوَجَّهُ الْمَلَائِكَةُ لِتَسْخِيرِهِ، وَالَّذِي يَحْصُلُ لِلْكَاهِنِ كَذَلِكَ. وَالْمَآلُ أَنَّ الْكَاهِنَ يُخْبِرُ بِهِ فَيُؤَوَّلُ إِلَى مسموع.
[١٩، ٢٠]
(١) قرّت الدَّجَاجَة تقرّ قرّا: أخفت صَوتهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute