للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَلَمَّا كَانَتْ تِلْكَ مَادَّةَ النَّسْجِ جُعِلَ الْمَنْسُوجُ كَأَنَّهُ مَظْرُوفٌ فِي الْأَنْعَامِ.

وَخُصَّ الدِّفْءُ بِالذِّكْرِ مِنْ بَيْنِ عُمُومِ الْمَنَافِعِ لِلْعِنَايَةِ بِهِ.

وَعطف مَنافِعُ عَلَى دِفْءٌ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ لِأَنَّ أَمْرَ الدِّفْءِ قَلَّمَا تَسْتَحْضِرُهُ الْخَوَاطِرُ.

ثُمَّ عُطِفَ الْأَكْلُ مِنْهَا لِأَنَّهُ مِنْ ذَوَاتِهَا لَا مِنْ ثَمَرَاتِهَا.

وَجُمْلَةُ وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ لَكُمْ فِيها دِفْءٌ.

وَجُمْلَةُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ لَكُمْ فِيها دِفْءٌ. وَهَذَا امْتِنَانٌ بِنِعْمَةِ تَسْخِيرِهَا لِلْأَكْلِ مِنْهَا وَالتَّغَذِّي، وَاسْتِرْدَادِ الْقُوَّةِ لِمَا يَحْصُلُ مِنْ تَغْذِيَتِهَا.

وَتَقْدِيمُ الْمَجْرُورِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَمِنْها تَأْكُلُونَ للاهتمام، لأَنهم شَدِيد وَالرَّغْبَة فِي أَكْلِ اللُّحُومِ، وَلِلرِّعَايَةِ عَلَى الْفَاصِلَةِ. وَالْإِتْيَانُ بِالْمُضَارِعِ فِي تَأْكُلُونَ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنَ الْأَعْمَالِ الْمُتَكَرِّرَةِ.

وَالْإِرَاحَةُ: فِعْلُ الرَّوَاحِ، وَهُوَ الرُّجُوعُ إِلَى الْمَعَاطِنِ، يُقَالُ: أَرَاحَ نِعَمَهُ إِذَا أَعَادَهَا بَعْدَ السُّرُوحِ.

وَالسُّرُوحُ: الْإِسَامَةُ، أَيِ الْغُدُوُّ بِهَا إِلَى الْمَرَاعِي. يُقَالُ: سَرَحَهَا- بِتَخْفِيفِ الرَّاءِ- سَرَحًا وَسُرُوحًا، وَسَرَّحَهَا- بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ- تَسْرِيحًا.

وَتَقْدِيمُ الْإِرَاحَةِ عَلَى التَّسْرِيحِ لِأَنَّ الْجَمَالَ عِنْدَ الْإِرَاحَةِ أَقْوَى وَأَبْهَجُ، لِأَنَّهَا تُقْبِلُ حِينَئِذٍ مَلْأَى الْبُطُونِ حَافِلَةَ الضُّرُوعِ مَرِحَةً بِمَسَرَّةِ الشِّبَعِ وَمَحَبَّةِ الرُّجُوعِ إِلَى مَنَازِلِهَا مِنْ مَعَاطِنَ وَمَرَابِضَ.

وَالْإِتْيَانُ بِالْمُضَارِعِ فِي تُرِيحُونَ وتَسْرَحُونَ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنَ الْأَحْوَالِ الْمُتَكَرِّرَةِ.

وَفِي تَكَرُّرِهَا تَكَرُّرُ النِّعْمَةِ بِمَنَاظِرِهَا.

وَجُمْلَةُ وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ مَعْطُوفَةٌ عَلَى وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ فَهِيَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ أَيْضًا. وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ إِلَى أَشْهَرِ الْأَنْعَامِ عِنْدَهُمْ وَهِيَ الْإِبِلُ، كَقَوْلِهَا