وَالْكَلُّ- بِفَتْحِ الْكَافِ- الْعَالَةُ عَلَى النَّاسِ.
وَفِي الْحَدِيثِ «مَنْ تَرَكَ كَلًّا فَعَلَيْنَا»
، أَيْ مَنْ تَرَكَ عِيَالًا فَنَحْنُ نَكْفُلُهُمْ. وَأَصْلُ الْكَلِّ: الثِّقَلُ. وَنَشَأَتْ عَنْهُ مَعَانٍ مَجَازِيَّةٌ اشْتُهِرَتْ فَسَاوَتِ الْحَقِيقَةَ.
وَالْمَوْلَى: الَّذِي يَلِي أَمْرَ غَيْرِهِ. وَالْمَعْنَى: هُوَ عَالَةٌ عَلَى كَافِلِهِ لَا يُدَبِّرُ أَمْرَ نَفْسِهِ.
وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: بَلِ اللَّهُ مَوْلاكُمْ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ [١٥] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى:
وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ فِي سُورَةِ يُونُسَ [٣٠] .
ثُمَّ زَادَ وَصْفُهُ بِقِلَّةِ الْجَدْوَى بِقَوْلِهِ تَعَالَى: أَيْنَما يُوَجِّهْهُ، أَيْ مَوْلَاهُ فِي عَمَلٍ لِيَعْمَلَهُ أَوْ يَأْتِيَ بِهِ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ، أَيْ لَا يَهْتَدِي إِلَى مَا وُجِّهَ إِلَيْهِ، لِأَنَّ الْخَيْرَ هُوَ مَا فِيهِ تَحْصِيلُ الْغَرَضِ مِنَ الْفِعْلِ وَنَفْعِهِ.
وَدَلَّتْ صِلَةُ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ عَلَى أَنَّهُ حَكِيمٌ عَالِمٌ بِالْحَقَائِقِ نَاصِحٌ لِلنَّاسِ يَأْمُرُهُمْ بِالْعَدْلِ لِأَنَّهُ لَا يَأْمُرُ بِذَلِكَ إِلَّا وَقَدْ عَلِمَهُ وَتَبَصَّرَ فِيهِ.
وَالْعَدْلُ: الْحَقُّ وَالصَّوَابُ الْمُوَافِقُ لِلْوَاقِعِ.
وَالصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ: الْمَحَجَّةُ الَّتِي لَا الْتِوَاءَ فِيهَا. وَأُطْلِقَ هُنَا عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ، لِأَنَّ الْعَمَلَ يُشَبَّهُ بِالسِّيرَةِ وَالسُّلُوكِ فَإِذَا كَانَ صَالِحًا كَانَ كَالسُّلُوكِ فِي طَرِيقٍ مُوصِلَةٍ لِلْمَقْصُودِ وَاضِحَةٍ فَهُوَ لَا يَسْتَوِي مَعَ مَنْ لَا يَعْرِفُ هُدًى وَلَا يَسْتَطِيعُ إِرْشَادًا، بَلْ هُوَ مُحْتَاجٌ إِلَى مَنْ يَكْفُلُهُ.
فَالْأَوَّلُ مِثْلُ الْأَصْنَامِ الْجَامِدَةِ الَّتِي لَا تَفْقَهُ وَهِيَ مُحْتَاجَةٌ إِلَى مَنْ يَحْرُسُهَا وَيَنْفُضُ عَنْهَا الْغُبَارَ وَالْوَسَخَ، وَالثَّانِي مَثَلٌ لِكَمَالِهِ تَعَالَى فِي ذَاتِهِ وَإِفَاضَتِهِ الْخَيْرَ على عباده.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute