للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذابٌ أَلِيمٌ [سُورَة الدُّخان: ١٠] . وَهُوَ الدُّخَانُ الَّذِي كَانَ يَرَاهُ أَهْلُ مَكَّةَ أَيَّامَ الْقَحْطِ الَّذِي أَصَابَهُمْ بِدُعَاءِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَيُؤَيِّدُ هَذَا قَوْلُهُ بَعْدُ وَلَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ وَهُمْ ظالِمُونَ [سُورَة النَّحْل: ١١٣] .

وَلَعَلَّ الْمُخَاطَبَ بِهَذَا الْمَثَلِ هُمُ الْمُسْلِمُونَ الَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا، أَيْ أَصْحَابُ هِجْرَةِ الْحَبَشَةِ تَسْلِيَةً لَهُمْ عَنْ مُفَارَقَةِ بَلَدِهِمْ، وَبَعْثًا لَهُمْ عَلَى أَنْ يَشْكُرُوا اللَّهَ تَعَالَى إِذْ أَخْرَجَهُمْ مِنْ تِلْكَ الْقَرْيَةِ فَسَلِمُوا مِمَّا أَصَابَ أَهْلَهَا وَمَا يُصِيبُهُمْ.

وَتَقَدَّمَ مَعْنَى الْقَرْيَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [٢٥٩] .

وَالْمُرَادُ بِالْقَرْيَةِ أَهْلُهَا إِذْ هُمُ الْمَقْصُودُ مِنَ الْقرْيَة كَقَوْلِه: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ [سُورَة يُوسُف: ٨٢] .

وَالْأَمْنُ: السَّلَامَةُ مِنْ تَسَلُّطِ الْعَدُوِّ.

وَالِاطْمِئْنَانُ: الدَّعَةُ وَهُدُوءُ الْبَالِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [٢٦٠] ، وَقَوْلُهُ: فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ فِي [سُورَةِ النِّسَاءِ:

١٠٣] .

وَقَدَّمَ الْأَمْنَ عَلَى الطُّمَأْنِينَةِ إِذْ لَا تَحْصُلُ الطُّمَأْنِينَةُ بِدُونِهِ، كَمَا أَن الْخَوْف يسبّب الِانْزِعَاجِ وَالْقَلَقِ.

وَقَوْلُهُ: يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً تَيْسِيرُ الرِّزْقِ فِيهَا مِنْ أَسْبَابِ رَاحَةِ الْعَيْشِ، وَقَدْ كَانَتْ مَكَّةُ كَذَلِكَ. قَالَ تَعَالَى: أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً تُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ [سُورَة الْقَصَص: ٥٧] . وَالرِّزْقُ: الْأَقْوَاتُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ: لَا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ فِي سُورَةِ يُوسُفَ [٣٧] .

وَالرَّغَدُ: الْوَافِرُ الْهَنِيءُ. وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ