عَلَى عُمُومِ النَّاسِ الْإِعْلَامَ بِذَلِكَ لِحِكْمَةٍ، وَهِيَ أَنْ تَتَعَوَّدَ الْأُمَّةُ بِتَرْكِ الِاشْتِغَالِ فِيمَا لَيْسَتْ مِنْهُ فَائِدَةٌ لِلدِّينِ أَوْ لِلنَّاسِ، وَدَلَّ عِلْمُ الِاسْتِقْبَالِ عَلَى أَنَّ النَّاسَ لَا يَزَالُونَ يَخُوضُونَ فِي ذَلِكَ.
وَضَمِيرُ «يَقُولُونَ» عَائِدٌ إِلَى غَيْرِ مَذْكُورٍ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنَ الْمَقَامِ، أَيْ يَقُولُ النَّاسُ أَوِ الْمُسْلِمُونَ، إِذْ لَيْسَ فِي هَذَا الْقَوْلِ حَرَجٌ وَلَكِنَّهُمْ نُبِّهُوا إِلَى أَنَّ جَمِيعَهُ لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ.
وَمَعْنَى سِينِ الِاسْتِقْبَالِ سَارَ إِلَى الْفِعْلَيْنِ الْمَعْطُوفَيْنِ عَلَى الْفِعْلِ الْمُقْتَرِنِ بِالسِّينِ، وَلَيْسَ فِي الِانْتِهَاءِ إِلَى عَدَدِ الثَّمَانِيَةِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّهُ الْعِدَّةُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ.
وَقَدْ أَعْلَمَ اللَّهُ أَنَّ قَلِيلًا مِنَ الْخَلْقِ يَعْلَمُونَ عِدَّتَهُمْ وَهُمْ مَنْ أَطْلَعَهُمُ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ.
وَفِي مقدمتهم مُحَمَّد صلّى الله عَلَيْهِ وَآله وسلّم لِأَنَّ قِصَّتَهُمْ جَاءَتْ عَلَى لِسَانِهِ فَلَا شَكَّ أَنَّ اللَّهَ أَطْلَعَهُ عَلَى عِدَّتِهِمْ.
وَرُوِيَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: أَنَا مِنَ الْقَلِيلِ.
وَكَأَنَّ أَقْوَالَ النَّاسِ تَمَالَأَتْ عَلَى أَنَّ عِدَّتَهُمْ فَرْدِيَّةٌ تَيَمُّنًا بِعَدَدِ الْمُفْرَدِ، وَإِلَّا فَلَا دَلِيلَ عَلَى ذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِ، وَقَدْ سَمَّى اللَّهُ قَوْلَهُمْ ذَلِكَ رَجْمًا بِالْغَيْبِ.
وَالرَّجْمُ حَقِيقَتُهُ: الرَّمْيُ بِحَجَرٍ وَنَحْوِهِ. وَاسْتُعِيرَ هُنَا لِرَمْيِ الْكَلَامِ مِنْ غَيْرِ رَوِيَّةٍ وَلَا تَثَبُّتٍ، قَالَ زُهَيْرٌ:
وَمَا هُوَ عَنْهَا بِالْحَدِيثِ الْمُرَجَّمِ وَالْبَاءُ فِي بِالْغَيْبِ لِلتَّعْدِيَةِ، كَأَنَّهُمْ لَمَّا تَكَلَّمُوا عَنْ أَمْرٍ غَائِبٍ كَانُوا يَرْجُمُونَ بِهِ.
وكل من جُمْلَةِ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَجُمْلَةِ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ لِاسْمِ الْعَدَدِ الَّذِي قَبْلَهَا، أَوْ مَوْضِعِ الْخَبَرِ الثَّانِي عَنِ الْمُبْتَدَأِ الْمَحْذُوفِ.
وَجُمْلَةُ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ الْوَاوُ فِيهَا وَاوُ الْحَالِ، وَهِيَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ الْمُبْتَدَأِ الْمَحْذُوفِ، أَوْ مِنِ اسْمِ الْعَدَدِ الَّذِي هُوَ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ، وَهُوَ وَإِن كَانَ نَكِرَةً