وَلَا يُوجَدُ فِي الْعَرَبِيَّةِ لَفْظٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ لَفْظُ إِسْتَبْرَقٍ.
هَذِهِ خُلَاصَةُ كَلَامِهِ عَلَى تَطْوِيلٍ فِيهِ.
وَ (مِنْ) فِي قَوْلِهِ: مِنْ سُنْدُسٍ لِلْبَيَانِ.
وَقَدَّمَ ذِكْرَ الْحُلِيِّ عَلَى اللِّبَاسِ هُنَا لِأَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ صِفَةً لِلْجَنَّاتِ ابْتِدَاءً، وَكَانَتْ مَظَاهِرُ الْحُلِيِّ أَبْهَجَ لِلْجَنَّاتِ، فَقَدَّمَ ذِكْرَ الْحُلِيِّ وَأَخَّرَ اللِّبَاسَ لِأَنَّ اللِّبَاسَ أَشَدُّ اتِّصَالًا بِأَصْحَابِ الْجَنَّةِ لَا بِمَظَاهِرِ الْجَنَّةِ، وَعَكْسُ ذَلِكَ فِي سُورَةِ الْإِنْسَانِ فِي قَوْلِهِ: عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ [الْإِنْسَان: ٢١] لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَالِكَ جَرَى عَلَى صِفَاتِ أَصْحَابِ الْجَنَّةِ.
وَجُمْلَةُ مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنْ ضَمِيرِ يَلْبَسُونَ.
وَالِاتِّكَاءُ: جِلْسَةُ الرَّاحَةِ وَالتَّرَفِ. وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً فِي سُورَةِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ [٣١] .
وَالْأَرَائِكُ: جَمْعُ أَرِيكَةٍ. وَهِيَ اسْمٌ لِمَجْمُوعِ سَرِيرٍ وَحَجَلَةٍ. وَالْحَجَلَةُ: قُبَّةٌ مِنْ ثِيَابٍ تَكُونُ فِي الْبَيْتِ تَجْلِسُ فِيهَا الْمَرْأَةُ أَوْ تَنَامُ فِيهَا. وَلِذَلِكَ يُقَالُ لِلنِّسَاءِ: رَبَّاتُ الْحِجَالِ. فَإِذَا وُضِعَ فِيهَا سَرِيرٌ لِلِاتِّكَاءِ أَو الِاضْطِجَاع فِيهِ أَرِيكَةٌ. وَيَجْلِسُ فِيهَا الرَّجُلُ وَيَنَامُ مَعَ الْمَرْأَةِ، وَذَلِكَ مِنْ شِعَارِ أَهْلِ التَّرَفِ.
وَجُمْلَةُ نِعْمَ الثَّوابُ اسْتِئْنَافُ مَدْحٍ، وَمَخْصُوصُ فِعْلِ الْمَدْحِ مَحْذُوفٌ لِدَلَالَةِ مَا تَقَدَّمَ عَلَيْهِ. وَالتَّقْدِيرُ: نِعْمَ الثَّوَابُ الْجَنَّاتُ الْمَوْصُوفَةُ.
وَعُطِفَ عَلَيْهِ فِعْلُ إِنْشَاءٍ ثَانٍ وَهُوَ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً لِأَنَّ (حَسُنَ) وَ (سَاءَ) مُسْتَعْمَلَانِ اسْتِعْمَالَ (نِعْمَ) وَ (بِئْسَ) فَعَمِلَا عَمَلَهُمَا. وَلِذَلِكَ كَانَ التَّقْدِيرُ: وَحَسُنَتِ الْجَنَّاتُ مُرْتَفَقًا. وَهَذَا مُقَابِلُ قَوْلِهِ فِي حِكَايَةِ حَالِ أَهْلِ النَّارِ وَساءَتْ مُرْتَفَقاً.
وَالْمُرْتَفَقُ: هُنَا مُسْتَعْمَلٌ فِي مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ بِخِلَافِ مُقَابِله الْمُتَقَدّم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute