للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَفْرَايمَ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ ابْنُ أُخْتِ مُوسَى، كَانَ اسْمُهُ الْأَصْلِيُّ هُوشَعُ فَدَعَاهُ مُوسَى حِينَ بَعَثَهُ لِلتَّجَسُّسِ فِي أَرْضِ كَنْعَانَ يُوشَعَ.

وَلَعَلَّ ذَلِكَ التَّغَيُّرَ فِي الِاسْمِ تَلَطُّفٌ بِهِ، كَمَا

قَالَ رَسُول الله صلّى الله عَلَيْهِ وَآله وسلّم لِأَبِي هُرَيْرَةَ يَا أَبَا هِرٍّ

. وَفِي التَّوْرَاةِ: أَنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ اسْمُهُ أَبْرَامَ فَلَمَّا أَمَرَهُ اللَّهُ بِخِصَالِ الْفِطْرَةِ دَعَاهُ إِبْرَاهَامَ.

وَلَعَلَّ هَذِهِ التَّغْيِيرَاتِ فِي الْعِبْرَانِيَّةِ تُفِيدُ مَعَانِيَ غَيْرَ مَعَانِي الْأَسْمَاءِ الْأُولَى فَتَكُونُ كَمَا دَعَا النبيء صلّى الله عَلَيْهِ وَآله وسلّم زيدَ الْخَيْلِ زَيْدَ الْخَيْرِ.

وَيُوشَعُ أَحَدُ الرِّجَالِ الِاثْنَيْ عَشَرَ الَّذِينَ بَعَثَهُمْ مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- لِيَتَجَسَّسُوا فِي أَرْضِ كَنْعَانَ فِي جِهَاتِ حَلَبَ وَحَبْرُونَ وَيَخْتَبِرُوا بَأْسَ أَهْلِهَا وَخَيْرَاتِ أَرْضِهَا وَمَكَثُوا أَرْبَعِينَ يَوْمًا فِي التَّجَسُّسِ. وَهُوَ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ شَجَّعَا بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى دُخُولِ أَرْضِ كَنْعَانَ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْقُرْآنُ فِي آيَةِ قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ [الْمَائِدَة: ٢٣] .

كَانَ مِيلَادُ يُوشَعَ فِي حُدُودِ سَنَةِ ١٤٦٣ قَبْلَ الْمَسِيحِ وَوَفَاتُهُ فِي حُدُودِ سَنَةِ ١٣٥٣ وَعَمَّرَ مِائَةً وَعَشْرَ سِنِينَ، وَكَانَ مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- قَدْ قَرَّبَهُ إِلَى نَفْسِهِ وَاتَّخَذَهُ تِلْمِيذًا وَخَادِمًا، وَمِثْلُ ذَلِكَ الِاتِّخَاذِ يُوصَفُ صَاحِبُهُ بِمِثْلِ فَتًى أَوْ غُلَامٍ. وَمِنْهُ وَصْفُهُمُ الْإِمَامَ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْمُطَرِّزَ النَّحْوِيَّ اللُّغَوِيَّ غُلَامَ ثَعْلَبٍ، لِشِدَّةِ اتِّصَالِهِ بِالْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ يحيى الشَّيْبَانِيّ المقلب بِثَعْلَبٍ.

وَكَانَ يُوشَعُ أحد الرجلَيْن اللَّذين عَهِدَ إِلَيْهِمَا مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- بِأَنْ يُقَسِّمَا الْأَرْضَ بَيْنَ أَسْبَاطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بَعْدَ مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ-. وَأَمَرَ اللَّهُ مُوسَى بِأَنْ يَعْهَدَ إِلَى يُوشَعَ بِتَدْبِيرِ أَمْرِ الْأُمَّةِ الْإِسْرَائِيلِيَّةِ بَعْدَ وَفَاةِ مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- فَعَهِدَ إِلَيْهِ مُوسَى بِذَلِكَ فَصَارَ نَبِيئًا مِنْ يَوْمِئِذٍ. وَدَبَّرَ أَمْرَ الْأُمَّةِ بَعْدَ مُوسَى سَبْعًا وَعِشْرِينَ سَنَةً. وَكِتَابُ يُوشَعَ هُوَ أَوَّلُ كُتُبِ الْأَنْبِيَاءِ بَعْدَ مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ-.

وَابْتُدِئَتِ الْقِصَّةُ بِحِكَايَةِ كَلَامِ مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- الْمُقْتَضِي تَصْمِيمًا عَلَى أَنْ لَا يَزُولَ عَمَّا هُوَ فِيهِ، أَيْ لَا يَشْتَغِلَ بِشَيْءٍ آخَرَ حَتَّى يَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ،