مِنْ خُصُوصِيَّاتِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ حُكْمًا سَابِقًا كَانَ مُرَادُ زَكَرِيَّاءَ إِرْثَ آثَارِ النُّبُوءَةِ خَاصَّةً مِنَ الْكُتُبِ الْمُقَدَّسَةِ وَتَقَايِيدِهِ عَلَيْهَا.
وَالْمَوَالِي: الْعُصْبَةُ وَأَقْرَبُ الْقَرَابَةِ، جَمْعُ مَوْلًى بِمَعْنَى الْوَلِيِّ.
وَمَعْنَى: مِنْ وَرائِي مِنْ بَعْدِي، فَإِنَّ الْوَرَاءَ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ مَا بَعْدَ الشَّيْءِ، كَمَا قَالَ النَّابِغَةُ:
وَلَيْسَ وَرَاءَ اللَّهِ لِلْمَرْءِ مَطْلَبُ أَيْ بَعْدَ اللَّهِ. فَمَعْنَى مِنْ وَرائِي مِنْ بَعْدِ حَيَاتِي.
ومِنْ وَرائِي فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ لِ الْمَوالِيَ أَوَ الْحَالِ.
وَامْرَأَةُ زَكَرِيَّاءَ اسْمُهَا أَلِيصَابَاتُ مِنْ نَسْلِ هَارُونَ أَخِي مُوسَى فَهِيَ مَنْ سَبْطِ لَاوِي.
وَالْعَاقِرُ: الْأُنْثَى الَّتِي لَا تَلِدُ، فَهُوَ وَصْفٌ خَاصٌّ بِالْمَرْأَةِ، وَلِذَلِكَ جُرِّدَ مِنْ عَلَامَةِ التَّأْنِيثِ إِذْ لَا لَبْسَ. وَمَصْدَرُهُ: الْعَقْرُ- بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَضَمِّهَا مَعَ سُكُونِ الْقَافِ-. وَأَتَى بِفِعْلِ (كَانَ) لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ الْعُقْرَ مُتَمَكِّنٌ مِنْهَا وَثَابِتٌ لَهَا فَلِذَلِكَ حُرِمَ مِنَ الْوَلَدِ مِنْهَا.
وَمَعْنَى مِنْ لَدُنْكَ أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عِنْدِيَّةٌ خَاصَّةٌ، لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ يَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ بِتَقْدِيرِهِ وَخَلْقِهِ الْأَسْبَابَ وَمُسَبَّبَاتِهَا تَبَعًا لِخَلْقِهَا، فَلَمَّا قَالَ مِنْ لَدُنْكَ (١) دَلَّ عَلَى أَنَّهُ سَأَلَ وَلِيًّا غَيْرَ جَارٍ أَمْرُهُ عَلَى الْمُعْتَادِ مِنْ إِيجَادِ الْأَوْلَادِ لِانْعِدَامِ الْأَسْبَابِ الْمُعْتَادَةِ، فَتَكُونُ هِبَتُهُ كَرَامَةً لَهُ.
وَيَتَعَلَّقُ لِي ومِنْ لَدُنْكَ بِفِعْلِ هَبْ. وَإِنَّمَا قُدِّمَ لِي عَلَى مِنْ لَدُنْكَ لِأَنَّهُ الأهم فِي غَرَضِ الدَّاعِي، وَهُوَ غَرَضٌ خَاصٌّ يُقَدَّمُ عَلَى الْغَرَضِ الْعَامِّ.
(١) فِي المطبوعة (من عنْدك) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute