وَالِاسْتِفْهَامُ فِي أَإِذا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا إِنْكَارٌ لِتَحْقِيقِ وُقُوعِ الْبَعْثِ، فَلِذَلِكَ أُتِيَ بِالْجُمْلَةِ الْمُسَلَّطِ عَلَيْهَا الْإِنْكَارُ مُقْتَرِنَةً بِلَامِ الِابْتِدَاءِ الدَّالَةِ عَلَى تَوْكِيدِ الْجُمْلَةِ الْوَاقِعَةِ هِيَ فِيهَا، أَيْ يَقُولُ لَا يَكُونُ مَا حَقَّقْتُمُوهُ مِنْ إِحْيَائِي فِي الْمُسْتَقْبَلِ.
وَمُتَعَلِّقُ أُخْرَجُ مَحْذُوفٌ أَيْ أُخْرَجُ مِنَ الْقَبْرِ.
وَقَدْ دَخَلَتْ لَامُ الِابْتِدَاءِ فِي قَوْلِهِ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا على الْمُضَارِعِ الْمُسْتَقْبَلِ بِصَرِيحِ وُجُودِ حَرْفِ الِاسْتِقْبَالِ، وَذَلِكَ حُجَّةٌ لِقَوْلِ ابْنِ مَالِكٍ بِأَنَّ لَامَ الِابْتِدَاءِ تَدْخُلُ عَلَى الْمُضَارِعِ الْمُرَادِ بِهِ الِاسْتِقْبَالُ وَلَا تُخَلِّصُهُ لِلْحَالِ. وَيَظْهَرُ أَنَّهُ مَعَ الْقَرِينَةِ الصَّرِيحَةِ لَا يَنْبَغِي الِاخْتِلَافُ فِي عَدَمِ تَخْلِيصِهَا الْمُضَارِعَ لِلْحَالِ، وإِنْ صَمَّمَ الزَّمَخْشَرِيُّ عَلَى مَنْعِهِ، وَتَأَوَّلَ مَا هُنَا بِأَنَّ اللَّامَ مَزِيدَةٌ لِلتَّوْكِيدِ وَلَيْسَتْ لَامَ الِابْتِدَاءِ، وَتَأَوَّلَهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى [الضُّحَى: ٥] بِتَقْدِيرِ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ وَلَأَنْتَ سَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى، فَلَا تَكُونُ اللَّامُ دَاخِلَةً عَلَى الْمُضَارِعِ، وَكُلُّ ذَلِكَ تكلّف لَا ملجىء إِلَيْهِ.
وَجُمْلَةُ أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ يَقُولُ الْإِنْسانُ، أَيْ يَقُولُ ذَلِكَ وَمِنَ النَّكِيرِ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَتَذَكَّرُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلِ وُجُودِهِ.
وَالِاسْتِفْهَامُ إِنْكَارٌ وَتَعْجِيبٌ مِنْ ذُهُولِ الْإِنْسَانِ الْمُنْكِرِ الْبَعْثَ عَنْ خَلْقِهِ الْأَوَّلِ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ أَوَلا يَذْكُرُ بِسُكُونِ الذَّالِ وَضَمِّ الْكَافِ- مِنَ الذُّكْرِ- بِضَمِّ الذَّالِ-. وَقَرَأَهُ أَبُو جَعْفَرٍ بِفَتْحِ الذَّالِ وَتَشْدِيدِ الْكَافِ عَلَى أَنَّ أَصْلَهُ يَتَذَكَّرُ فَقُلِبَتِ التَّاءُ الثَّانِيَةُ ذَالًا لِقُرْبِ مَخْرَجَيْهِمَا.
وَالشَّيْءُ: هُوَ الْمَوْجُودُ، أَيْ أَنَّا خَلَقْنَاهُ وَلَمْ يَكُ مَوْجُودًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute