وَالذِّكْرُ يَجُوزُ أَن يكون بِمَعْنى التَّذَكُّر بِالْعَقْلِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الذِّكْرَ بِاللِّسَانِ.
وَاللَّامُ فِي لِذِكْرِي لِلتَّعْلِيلِ، أَيْ أَقِمِ الصَّلَاةَ لِأَجْلِ أَنْ تَذْكُرَنِي، لِأَنَّ الصَّلَاةَ تُذَكِّرُ الْعَبْدَ بِخَالِقِهِ. إِذْ يَسْتَشْعِرُ أَنَّهُ وَاقِفٌ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ لِمُنَاجَاتِهِ. فَفِي هَذَا الْكَلَامِ إِيمَاءٌ إِلَى حِكْمَةِ مَشْرُوعِيَّةِ الصَّلَاةِ وَبِضَمِيمَتِهِ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ [العنكبوت: ٤٥] يَظْهَرُ أَنَّ التَّقْوَى مِنْ حِكْمَةِ مَشْرُوعِيَّةِ الصَّلَاةِ لِأَنَّ الْمُكَلَّفَ إِذَا ذَكَرَ أَمْرَ اللَّهِ وَنَهْيَهُ فَعَلَ مَا أَمَرَهُ وَاجْتَنَبَ مَا نَهَاهُ عَنْهُ وَاللَّهُ عَرَّفَ مُوسَى حِكْمَةَ الصَّلَاةِ مُجْمَلَةً وَعَرَّفَهَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُفَصَّلَةً.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اللَّامُ أَيْضًا لِلتَّوْقِيتِ، أَيْ أَقِمِ الصَّلَاةَ عِنْدَ الْوَقْتِ الَّذِي جَعَلْتُهُ لِذِكْرِي. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الذِّكْرُ الذِّكْرَ اللِّسَانِيَّ لِأَنَّ ذِكْرَ اللِّسَانِ يُحَرِّكُ ذِكْرَ الْقَلْبِ وَيَشْتَمِلُ عَلَى الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ وَالِاعْتِرَافِ بِمَا لَهُ مِنَ الْحَقِّ، أَيِ الَّذِي عَيَّنْتُهُ لَكَ. فَفِي الْكَلَامِ إِيمَاءٌ إِلَى مَا فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ مِنَ الْحِكْمَةِ، وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ يُعْلَمُ مِنَ السِّيَاقِ.
وَجُمْلَةُ إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ لِابْتِدَاءِ إِعْلَامٍ بِأَصْلٍ ثَانٍ مِنْ أُصُولِ الدِّينِ بَعْدَ أَصْلِ التَّوْحِيدِ، وَهُوَ إِثْبَاتُ الْجَزَاءِ.
وَالسَّاعَةُ: عَلَمٌ بِالْغَلَبَةِ عَلَى سَاعَةِ الْقِيَامَةِ أَوْ سَاعَةِ الْحِسَابِ.
وَجُمْلَةُ أَكادُ أُخْفِيها فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ السَّاعَةِ، أَوْ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ جُمْلَةٍ وَعِلَّتِهَا.
وَالْإِخْفَاءُ: السَّتْرُ وَعَدَمُ الْإِظْهَارِ، وَأُرِيدَ بِهِ هُنَا الْمَجَازُ عَنْ عَدَمِ الْإِعْلَامِ.
وَالْمَشْهُورُ فِي الِاسْتِعْمَالِ أَنَّ «كَادَ» تَدُّلُ عَلَى مُقَارَبَةِ وُقُوعِ الْفِعْلِ الْمُخْبَرِ بِهِ عَنْهَا، فَالْفِعْلُ بَعْدَهَا فِي حَيِّزِ الِانْتِفَاءِ، فَقَوْلُهُ تَعَالَى:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute