للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَمْ يَأْتِ بِذَلِكَ مَعَ قَوْلِهِ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي لِأَنَّ ذَلِكَ سُؤَالٌ يرجع إِلَى تَبْلِيغ رِسَالَةِ اللَّهِ إِلَى فِرْعَوْنَ فَلَيْسَتْ فَائِدَتُهَا رَاجِعَةً إِلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَ لَهَا بِلَامِ التَّبْيِينِ.

وَتَنْكِيرُ عُقْدَةً لِلتَّعْظِيمِ، أَيْ عُقْدَةً شَدِيدَةً.

ومِنْ لِسانِي صفة لعقدة. وَعَدَلَ عَنْ أَنْ يَقُولَ: عُقْدَةَ لِسَانِي، بِالْإِضَافَةِ لِيَتَأَتَّى التَّنْكِيرُ الْمُشْعِرُ بِأَنَّهَا عُقْدَةٌ شَدِيدَةٌ.

وَفِعْلُ يَفْقَهُوا مَجْزُومٌ فِي جَوَابِ الْأَمْرِ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْمُتَّبَعَةِ فِي الْقُرْآنِ مِنْ جَعْلِ الشَّيْءِ الْمَطْلُوبِ بِمَنْزِلَةِ الْحَاصِلِ عَقِبَ الشَّرْطِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ [النُّور: ٣٠] أَيْ أَنْ نَقُلْ لَهُمْ غُضُّوا يَغُضُّوا، أَيْ شَأْنُهُمُ الِامْتِثَالُ. وَالْفِقْهُ: الْفَهْمُ.

وَالْوَزِيرُ: فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعل، من وزار عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، مِثْلُ حَكِيمٍ مِنْ أَحْكَمَ، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْأَزْرِ، وَهُوَ الْمَعُونَةُ، وَالْمُؤَازَرَةُ كَذَلِكَ، وَالْكُلُّ مُشْتَقٌّ مِنَ الْأَزْرِ، أَيِ الْظَّهْرِ، كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا، فَحَقُّهُ أَنْ يَكُونَ أَزِيرًا بِالْهَمْزَةِ إِلَّا أَنَّهُمْ قَلَبُوا هَمْزَتَهُ وَاوًا حَمْلًا عَلَى مُوَازِرٍ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَاهُ الَّذِي قُلِبَتْ هَمْزَتُهُ وَاوًا لِانْضِمَامِ مَا قَبْلَهَا. فَلَمَّا كَثُرَ فِي الْكَلَامِ قَوْلُهُمْ:

مُوَازِرٌ وَيُوَازِرُ بِالْوَاوِ نَطَقُوا بِنَظِيرِهِ فِي الْمَعْنَى بِالْوَاوِ بِدُونِ مُوجِبٍ لِلْقَلْبِ إِلَّا الْحَمْلُ عَلَى النَّظِيرِ فِي النُّطْقِ، أَيِ اعْتِيَادِ النُّطْقِ بِهَمْزَتِهِ وَاوًا، أَيِ اجْعَلْ مُعِينًا مِنْ أَهْلِي.

وَخَصَّ هَارُونَ لِفَرْطِ ثِقَتِهِ بِهِ وَلِأَنَّهُ كَانَ فَصِيحَ اللِّسَانِ مِقْوَالًا، فَكَوْنُهُ مِنْ أَهْلِهِ مَظِنَّةُ

النُّصْحِ لَهُ، وَكَوْنُهُ أَخَاهُ أَقْوَى فِي الْمُنَاصَحَةِ، وَكَوْنُهُ الْأَخَ الْخَاصَّ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ عِنْدَهُ بِأَصَالَةِ الرَّأْيِ.

وَجُمْلَةُ اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي عَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ فِي فعلي اشْدُدْ، وأَشْرِكْهُ بَيَانٌ لِجُمْلَةِ اجْعَلْ لِي وَزِيراً. سَأَلَ اللَّهَ