للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(الْفَزْرُ: لَقَبٌ لِسَعْدِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ تَمِيمٍ هُوَ بِكَسْرِ الْفَاءِ) .

وَالْمَعْنَى: قَالَ مُجَاهِدُ: إِنَّهُ مَكَانٌ نَصِفٌ، وَكَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ نِصْفٌ مِنَ الْمَدِينَةِ لِئَلَّا يَشُقَّ الْحُضُورُ فِيهِ عَلَى أَهْلِ أَطْرَافِ الْمَدِينَةِ. وَعَنِ ابْنِ زَيْدٍ: الْمَعْنَى مَكَانًا مُسْتَوِيًا، أَيْ لَيْسَ فِيهِ مُرْتَفَعَاتٌ تَحْجُبُ الْعَيْنَ، أَرَادَ مَكَانًا مُنْكَشِفًا لِلنَّاظِرِينَ لِيَشْهَدُوا أَعْمَالَ مُوسَى وَأَعْمَالَ السَّحَرَةِ.

ثُمَّ تَعْيِينُ الْمَوْعِدِ غَيْرُ المخلف يَقْتَضِي تعْيين زَمَانَهُ لَا مَحَالَةَ، إِذْ لَا يُتَصَوَّرُ الْإِخْلَافُ إِلَّا إِذَا كَانَ لِلْوَعْدِ وَقْتٌ مُعَيَّنٌ وَمَكَانٌ مُعَيَّنٌ، فَمِنْ ثَمَّ طَابَقَهُ جَوَابُ مُوسَى بقوله قالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى.

فَيَقْتَضِي أَنَّ مَحْشَرَ النَّاسِ فِي يَوْمِ الزِّينَةِ كَانَ مَكَانًا مَعْرُوفًا. وَلَعَلَّهُ كَانَ بِسَاحَةِ قَصْرِ فِرْعَوْنَ، لِأَنَّهُمْ يَجْتَمِعُونَ بِزِينَتِهِمْ وَلَهْوِهِمْ بِمَرْأًى مِنْهُ وَمِنْ أَهْلِهِ عَلَى عَادَةِ الْمُلُوكِ فِي الْمَوَاسِمِ.

فَقَوْلُهُ يَوْمُ الزِّينَةِ تَعْيِينٌ لِلْوَقْتِ، وَقَوْلُهُ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ تَعْيِينٌ لِلْمَكَانِ، وَقَوْلُهُ ضُحًى تَقْيِيدٌ لِمُطْلَقِ الْوَقْتِ.

وَالضُّحَى: وَقْتُ ابْتِدَاءِ حَرَارَةِ الشَّمْسِ بَعْدَ طُلُوعِهَا.

وَيَوْمُ الزِّينَةِ كَانَ يَوْمُ عِيدٍ عَظِيمٍ عِنْدَ الْقِبْطِ، وَهُوَ يَوْمُ كَسْرِ الْخَلِيجِ أَوِ الْخُلْجَانِ، وَهِيَ الْمَنَافِذُ وَالتُّرَعُ الْمَجْعُولَةُ عَلَى النَّيْلِ لِإِرْسَالِ الزَّائِدِ مِنْ مِيَاهِهِ إِلَى الْأَرَضِينَ الْبَعِيدَةِ عَنْ مَجْرَاهُ لِلسَّقْيِ، فَتَنْطَلِقُ الْمِيَاهُ فِي جَمِيعِ النَّوَاحِي الَّتِي يُمْكِنُ وُصُولُهَا إِلَيْهَا وَيَزْرَعُونَ عَلَيْهَا.

وَزِيَادَةُ الْمِيَاهِ فِي النِّيلِ هُوَ تَوْقِيتُ السَّنَةِ الْقِبْطِيَّةِ، وَذَلِكَ هُوَ أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ (تُوتَ) الْقِبْطِيِّ، وَهُوَ (أَيْلُولُ) بِحَسْبِ التَّارِيخِ الِإسْكَنْدَرِيِّ، وَذَلِكَ قَبْلَ