فَجُمْلَةُ وَلَقَدْ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى ابْتِدَائِيَّةٌ، وَالْوَاوُ عَاطِفَةُ قِصَّةٍ عَلَى قِصَّةٍ وَلَيْسَتْ عَاطِفَةً بَعْضَ أَجْزَاءِ قِصَّةٍ عَلَى بَعْضٍ آخَرَ.
وأَسْرِ أَمْرٌ مِنَ السُّرَى- بِضَمِّ السِّينِ وَفَتْحِ الرَّاءِ- وَتَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْإِسْرَاءِ أَنَّهُ يُقَالُ: سَرَى وَأَسْرَى. وَإِنَّمَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِذَلِكَ تَجَنُّبًا لِنُكُولِ فِرْعَوْنَ عَلَيْهِمْ. وَالْإِضَافَةُ فِي قَوْلِهِ بِعِبادِي لِتَشْرِيفِهِمْ وَتَقْرِيبِهِمْ وَالْإِيمَاءِ إِلَى تَخْلِيصِهِمْ مِنِ اسْتِعْبَادِ الْقِبْطِ وَأَنَّهُمْ لَيْسُوا عَبِيدًا لِفِرْعَوْنَ.
وَالضَّرْبُ: هُنَا بِمَعْنَى الْجَعْلِ كَقَوْلِهِمْ: ضُرِبَ الذَّهَبُ دَنَانِيرَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
«وَاضْرِبُوا إِلَيَّ مَعَكُمْ بِسَهْمٍ» ، وَلَيْسَ هُوَ كَقَوْلِهِ أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ [الشُّعَرَاء: ٦٣] لأنّ الضَّرْب هُنَالك مُتَعَدٍّ إِلَى الْبَحْرِ وَهُنَا نُصِبَ طَرِيقًا.
وَالْيَبَسُ- بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَالْمُوَحَّدَةِ-. وَيُقَالُ:- بِسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ-: وَصْفٌ بِمَعْنَى الْيَابِسِ. وَأَصْلُهُ مَصْدَرٌ كَالْعَدَمِ وَالْعُدْمِ، وُصِفَ بِهِ لِلْمُبَالَغَةِ وَلِذَلِكَ لَا يُؤَنَّثُ فَقَالُوا: نَاقَةٌ يَبَسٌ إِذَا جَفَّ لَبَنُهَا.
وَلَا تَخافُ مَرْفُوعٌ فِي قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ، وَعْدٌ لِمُوسَى اقْتُصِرَ عَلَى وَعْدِهِ دُونَ بَقِيَّةِ قَوْمِهِ لِأَنَّهُ قُدْوَتُهُمْ فَإِذَا لَمْ يَخَفْ هُوَ تَشَجَّعُوا وَقَوِيَ يَقِينُهُمْ، فَهُوَ خَبَرٌ مُرَادٌ بِهِ الْبُشْرَى.
وَالْجُمْلَةُ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ.
وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَحْدَهُ لَا تَخَفْ عَلَى جَوَابِ الْأَمْرِ الَّذِي فِي قَوْلِهِ فَاضْرِبْ، وَكَلِمَةُ تَخَفْ مَكْتُوبَةٌ فِي الْمَصَاحِفِ بِدُونِ أَلْفٍ لِتَكَونَ قِرَاءَتُهَا بِالْوَجْهَيْنِ لِكَثْرَةِ نَظَائِرِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ ذَاتِ الْأَلِفِ فِي وَسَطِهَا فِي رَسْمِ الْمُصْحَفِ وَيُسَمِّيهِ الْمُؤَدِّبُونَ «الْمَحْذُوفَ» .
وَأَمَّا قَوْلُهُ وَلا تَخْشى فَالْإِجْمَاعُ عَلَى قِرَاءَتِهِ بِأَلْفٍ فِي آخِرِهِ. فَوَجْهُ قِرَاءَةِ حَمْزَةَ فِيهَا مَعَ أَنَّهُ قَرَأَ بِجَزْمِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute