للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِالْحُضُورِ لِلْمُنَاجَاةِ فَذَلِكَ وَعَدٌ مِنْ جَانِبِ اللَّهِ بِالْمُنَاجَاةِ، وَامْتِثَالُ مُوسَى لِذَلِكَ وَعَدٌ مِنْ جَانِبِهِ، فَتَمَّ مَعْنَى الْمُوَاعَدَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [٥٢] : وَإِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً.

وَيَظْهَرُ أَنَّ الْآيَةَ تُشِيرُ إِلَى مَا جَاءَ فِي الْإِصْحَاحِ ١٩ مِنْ سِفْرِ الْخُرُوجِ: «فِي الشَّهْرِ الثَّالِثِ بَعْدَ خُرُوجِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ جَاءُوا إِلَى بَرِّيَّةِ سَيْنَاءَ هُنَالِكَ نَزَلَ إِسْرَائِيلُ مُقَابِلَ الْجَبَلِ. وَأَمَّا مُوسَى فَصَعِدَ إِلَى اللَّهِ فَنَادَاهُ الرَّبُّ مِنَ الْجَبَلِ قَائِلًا: هَكَذَا نَقُولُ لِبَيْتِ يَعْقُوبَ أَنْتُمْ رَأَيْتُمْ مَا صَنَعْتُ بِالْمِصْرِيِّينَ وَأَنَا حَمَلْتُكُمْ عَلَى أَجْنِحَةِ النُّسُورِ، أَنْ سَمِعْتُمْ لِصَوْتِي وَحَفِظْتُمْ عَهْدِي تَكُونُونَ لِي خَاصَّةً ... » إِلَخْ.

وَذِكْرُ الطُّورِ تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ.

وَجَانِبُ الطَّوْرِ: سَفْحُهُ. وَوَصَفُهُ بِالْأَيْمَنِ بِاعْتِبَارِ جِهَةِ الشَّخْصِ الْمُسْتَقْبِلِ مَشْرِقَ الشَّمْسِ، وَإِلَّا فَلَيْسَ لِلْجَبَلِ يَمِينٌ وَشِمَالٌ مُعَيَّنَانِ، وَإِنَّمَا تُعْرَفُ بِمَعْرِفَةِ أَصْلِ الْجِهَاتِ وَهُوَ مَطْلَعُ الشَّمْسِ، فَهُوَ الْجَانِبُ الْقِبْلِيُّ بِاصْطِلَاحِنَا. وَجُعِلَ مَحَلُّ الْمُوَاعَدَةِ الْجَانِبَ الْقِبْلِيَّ وَلَيْسَ هُوَ مِنَ الْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ الَّذِي فِي سُورَةِ الْقَصَصِ [٣٠] : فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ وَقَالَ فِيهَا وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ

إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ

[الْقَصَص: ٤٤] فَهُوَ جَانِبٌ غَرْبِيٌّ، أَيْ مِنْ جِهَةِ مَغْرِبِ الشَّمْسِ مِنَ الْجَبَلِ، وَهُوَ الَّذِي آنَسَ مُوسَى مِنْهُ نَارًا.

وَانْتَصَبَ جانِبَ الطُّورِ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ المكانية لأنّه لَا تساعه بِمَنْزِلَةِ الْمَكَانِ الْمُبْهَمِ.

وَمَفْعُولُ الْمُوَاعَدَةِ مَحْذُوفٌ، تَقْدِيرُهُ: الْمُنَاجَاةُ.

وَتَعْدِيَةُ واعَدْناكُمْ إِلَى ضَمِيرِ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَإِنْ كَانَتْ مُوَاعَدَةً لِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ الَّذِينَ اخْتَارَهُمْ مِنْ قَومِهِ بِاعْتِبَارِ