الدَّيْنُ يُقَالُ: حَلَّ الدَّيْنُ إِذَا آنَ أَجَلُ أَدَائِهِ. وَقَرَأَهُ الْكِسَائِيُّ- بِالضَّمِّ فِي الْفِعْلَيْنِ عَلَى أَنَّهُ مِنْ حَلَّ بِالْمَكَانِ يَحُلُّ إِذَا نَزَلَ بِهِ. كَذَا فِي «الْكَشَّافِ»
وَلَمْ يَتَعَقَّبُوهُ.
وَهَذَا مِمَّا أَهْمَلَهُ ابْنُ مَالِكٍ فِي «لَامِيَّةِ الْأَفْعَالِ» ، وَلَمْ يَسْتَدْرِكْهُ شَارِحُهَا بَحْرَقٌ الْيَمَنِيُّ فِي «الشَّرْحِ الْكَبِيرِ» . وَوَقَعَ فِي «الْمِصْبَاحِ» مَا يُخَالِفُهُ وَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ. وَظَاهِرُ «الْقَامُوسِ» أَنَّ حَلَّ بِمَعْنَى نَزَلَ يُسْتَعْمَلُ قَاصِرًا وَمُتَعَدِّيًا، وَلَمْ أَقِفْ لَهُمْ عَلَى شَاهِدٍ فِي ذَلِكَ.
وَهَوَى: سَقَطَ مِنْ عُلْوٍ، وَقَدِ اسْتُعِيرَ هُنَا لِلْهَلَاكِ الَّذِي لَا نُهُوضَ بَعْدَهُ، كَمَا قَالُوا:
هَوَتْ أُمُّهُ، دُعَاءً عَلَيْهِ، وَكَمَا يُقَالُ: وَيْلَ أُمِّهِ، وَمِنْهُ: فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ [القارعة: ٩] ، فَأُرِيدَ هُوِيٌّ مَخْصُوصٌ، وَهُوَ الْهُوِيُّ مِنْ جَبَلٍ أَوْ سَطْحٍ بِقَرِينَةِ التَّهْدِيدِ.
وَجُمْلَةُ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ إِلَى آخِرِهَا اسْتِطْرَادٌ بَعْدَ التَّحْذِيرِ مِنَ الطُّغْيَانِ فِي النِّعْمَةِ بِالْإِرْشَادِ إِلَى مَا يُتَدَارَكُ بِهِ الطُّغْيَانُ إِنْ وَقَعَ بِالتَّوْبَةِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ. وَمَعْنَى تابَ: نَدِمَ عَلَى كُفْرِهِ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا.
وَقَوْلُهُ ثُمَّ اهْتَدى (ثُمَّ) فِيهِ لِلتَّرَاخِي فِي الرُّتْبَةِ اسْتُعِيرَتْ لِلدَّلَالَةِ عَلَى التَّبَايُنِ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ فِي الْمَنْزِلَةِ كَمَا كَانَتْ لِلتَّبَايُنِ بَيْنَ الْوَقْتَيْنِ فِي الْحُدُوثِ. وَمَعْنَى اهْتَدى: اسْتَمَرَّ عَلَى الْهُدَى وَثَبَتَ عَلَيْهِ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [الْأَحْقَاف: ١٣] .
وَالْآيَاتُ تُشِيرُ إِلَى مَا جَاءَ فِي الْإِصْحَاحِ مِنْ سِفْرِ الْخُرُوجِ «الرَّبُّ إِلَهٌ رَحِيمٌ وَرَؤُوفٌ، بَطِيءُ الْغَضَبِ وَكَثِيرُ الْإِحْسَانِ غَافِرُ الْإِثْمِ وَالْخَطِيئَةِ ولكنّه لن يبرىء إِبْرَاء» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute