وَ (مِنْها) ظَرْفٌ مُسْتَقِرٌّ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ الضَّمِيرِ الْمُنْفَصِلِ الْمَرْفُوعِ.
وَدَخَلَتْ (إِذَا) الْفُجَائِيَّةُ فِي جَوَابِ (لَمَّا) لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّهُمُ ابْتَدَرُوا الْهُرُوبَ مِنْ شِدَّةِ الْإِحْسَاسِ بِالْبَأْسِ تَصْوِيرًا لِشِدَّةِ الْفَزَعِ. وَلَيْسَتْ (إِذَا) الْفُجَائِيَّةُ بِرَابِطَةٍ لِلْجَوَابِ بِالشَّرْطِ لِأَنَّ هَذَا الْجَوَابَ لَا يَحْتَاجُ إِلَى رَابِطٍ، وَ (إِذَا) الْفُجَائِيَّةُ قَدْ تَكُونُ رَابِطَةً لِلْجَوَابِ خَلَفًا مِنَ الْفَاءِ الرَّابِطَةِ حَيْثُ يَحْتَاجُ إِلَى الرَّابِطِ لِأَنَّ مَعْنَى الْفُجَاءَةِ يَصْلُحُ لِلرَّبْطِ وَلَا يُلَازِمُهُ.
وَجُمْلَةُ لَا تَرْكُضُوا مُعْتَرِضَةٌ وَهِيَ خِطَابٌ لِلرَّاكِضِينَ بتخيل كَونهم الْحَاضِرين الْمُشَاهِدِينَ فِي وَقْتِ حِكَايَةِ قِصَّتِهِمْ، تَرْشِيحًا لِمَا اقْتَضَى اجْتِلَابَ حَرْفِ الْمُفَاجَأَةِ وَهَذَا كَقَوْلِ مَالِكِ بْنِ الرَّيْبِ:
دَعَانِي الْهَوَى مِنْ أَهْلِ وُدِّي وَجِيرَتِي ... بِذِي الطَّبَسَيْنِ فَالْتَفَتُّ وَرَائِيًا
أَيْ لَمَّا دَعَاهُ الْهَوَى، أَيْ ذَكَّرَهُ أَحْبَابَهُ وَهُوَ غَازٍ بِذِي الطَّبَسَيْنِ الْتَفَتَ وَرَاءَهُ كَالَّذِي يَدْعُوهُ دَاعٍ مِنْ خَلْفِهِ فَتَخَيَّلَ الْهَوَى دَاعِيًا وَرَاءَهُ.
وَتَكُونُ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ جُمْلَةِ فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا وَبَيْنَ جُمْلَةِ قالُوا يَا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ.
وَيَجُوزُ جَعْلُ الْجُمْلَةِ مَقُولَ قَوْلٍ مَحْذُوفٍ خُوطِبُوا بِهِ حِينَئِذٍ بِأَنْ سَمِعُوهُ بِخَلْقٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ مِنْ مَلَائِكَةِ الْعَذَابِ. وَهَذَا مَا فَسَّرَ بِهِ الْمُفَسِّرُونَ وَيُبْعِدُهُ اسْتِبْعَادُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ وَاقِعًا عِنْدَ كُلِّ عَذَابٍ أُصِيبَتْ بِهِ كُلُّ قَرْيَةٍ. وَأَيًّا مَا كَانَ فَالْكَلَامُ تَهَكُّمٌ بِهِمْ.
وَالْإِتْرَافُ: إِعْطَاءُ التَّرَفِ، وَهُوَ النَّعِيمُ وَرَفَهِ الْعَيْشِ، أَيِ ارْجِعُوا إِلَى مَا أُعْطِيتُمْ مِنَ الرَّفَاهِيَةِ وَإِلَى مَسَاكِنِكُمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute