الْمُسْلِمِينَ وَنَصْرُهُمْ. فَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِالْفُرْقَانِ التَّوْرَاةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَآتَيْناهُمَا الْكِتابَ الْمُسْتَبِينَ فِي [سُورَةِ الصَّافَّاتِ: ١١٧] .
وَالْإِخْبَارُ عَنِ الْفرْقَان بِإِسْنَاد إيتائه إِلَى ضَمِيرِ الْجَلَالَةِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْدُ كَوْنَهُ إِيتَاءً مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَوَحْيًا كَمَا أُوتِيَ مُحَمَّد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام الْقُرْآنَ فَكَيْفَ يُنْكِرُونَ إِيتَاءَ الْقُرْآنِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا جَاءَ إِلَّا بِمِثْلِهِ. وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى جَلَالَةِ ذَلِكَ الْمُوتَى.
وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِالْفُرْقَانِ الْمُعْجِزَاتُ الْفَارِقَةُ بَيْنَ الْمُعْجِزَةِ وَالسِّحْرِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ فِي [سُورَةِ غَافِرٍ: ٢٣] . وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الشَّرِيعَةُ الْفَارِقَةُ بَيْنَ الْعَدْلِ وَالْجَوْرِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ فِي [سُورَةِ الْبَقَرَةِ: ٥٣] .
وَعَلَى الِاحْتِمَالَاتِ الْمَذْكُورَةِ تَجِيءُ احْتِمَالَاتٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى الْآتِي: وَضِياءً وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ. وَلَيْسَ يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ بَعْضُ هَذِهِ الصِّفَاتِ قَسِيمًا لِبَعْضٍ بَلْ هِيَ صِفَاتٌ مُتَدَاخِلَةٌ، فَمَجْمُوعُ مَا أُوتِيَهُ مُوسَى وَهَارُونُ تَتَحَقَّقُ فِيهِ هَذِهِ الصِّفَاتُ الثَّلَاثُ.
وَالضِّيَاءُ: النُّورُ. يُسْتَعْمَلُ مَجَازًا فِي الْهُدَى وَالْعِلْمِ، وَهُوَ اسْتِعْمَالٌ كَثِيرٌ، وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ فِي [سُورَةِ الْمَائِدَةِ: ٤٤] .
وَالذِّكْرُ أَصْلُهُ: خُطُورُ شَيْءٍ بِالْبَالِ بَعْدَ غَفْلَةٍ عَنْهُ. وَيُطْلَقُ عَلَى الْكِتَابِ الَّذِي فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ، فَقَوْلُهُ تَعَالَى لِلْمُتَّقِينَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ فِيهِ لِلتَّقْوِيَةِ فَيَكُونَ الْمَجْرُورُ بِاللَّامِ فِي مَعْنَى الْمَفْعُولِ، أَيِ الَّذِينَ اتَّصَفُوا بِتَقْوَى اللَّهِ، أَيِ امْتِثَالِ أَوَامِرِهِ وَاجْتِنَابِ مَا نَهَى عَنْهُ، لِأَنَّهُ يُذَكِّرُهُمْ بِمَا يَجْهَلُونَ وَبِمَا يَذْهَلُونَ عَنْهُ مِمَّا عَلِمُوهُ وَيُجَدِّدُ فِي نُفُوسِهِمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute