للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِلَيْنَا بِالْبَعْثِ. وَقِيلَ حَرامٌ اسْمٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْمَمْنُوعِ وَالْوَاجِبِ، وَأَنْشَدُوا قَوْلَ الْخَنْسَاءِ:

وَإِنَّ حَرَامًا لَا أَرَى الدَّهْرَ بَاكِيًا ... عَلَى شَجْوَةٍ إِلَّا بَكَيْتُ عَلَى صَخْرِ

وَفِي كِتَابِ «لِسَانِ الْعَرَبِ» «فِي حَدِيثِ عُمَرَ: فِي الْحَرَامِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ: هُوَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ: حَرَامُ اللَّهِ لَا أَفْعَلُ، كَمَا يَقُولُ: يَمِينُ اللَّهِ لَا أَفْعَلُ، وَهِيَ لُغَةُ الْعُقَيْلِيِّينَ» اه.

وَرَأَيْتُ فِي مَجْمُوعَةٍ أَدَبِيَّةٍ عَتِيقَةٍ (مِنْ كُتُبِ جَامِعِ الزَّيْتُونَةِ عَدَدُهَا ٤٥٦١) : أَنَّ بَنِي عُقَيْلٍ يَقُولُونَ حَرَامُ اللَّهِ لَآتِيَنَّكَ كَمَا يُقَالُ يَمِينُ الله لآتينك انْتهى. وَهُوَ يَشْرَحُ كَلَامَ «لِسَانِ الْعَرَبِ» بِأَنَّ هَذَا الْيَمِينَ لَا يَخْتَصُّ بِالْحَلِفِ عَلَى النَّفْيِ كَمَا فِي مِثَالِ «لِسَانِ الْعَرَبِ» .

فَيَتَأَتَّى عَلَى هَذَا وَجْهٌ ثَالِثٌ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ أَيْ وَيَمِينٌ مِنَّا عَلَى قَرْيَةٍ، فَحَرْفُ (عَلَى) دَاخِلٌ عَلَى الْمُسَلَّطَةِ عَلَيْهِ الْيَمِينُ، كَمَا تَقُولُ: عَزَمْتُ عَلَيْكَ، وَكَمَا يُقَالُ: حَلَفْتُ عَلَى فُلَانٍ أَنْ لَا يَنْطِقَ. وكقول الرَّاعِي:

إِنِّي حَلَفْتُ عَلَى يَمِينٍ بَرَّةٍ ... لَا أَكْتُمُ الْيَوْمَ الْخَلِيفَةَ قِيلَا

وَفَتْحُ هَمْزَةِ «أَنَّ» فِي الْيَمِينِ أَحَدُ وَجْهَيْنِ فِيهَا فِي سِيَاقِ الْقَسَمِ.

وَمَعْنَى لَا يَرْجِعُونَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا يَرْجِعُونَ إِلَى الْإِيمَانِ لِأَنَّ اللَّهَ عَلِمَ ذَلِكَ مِنْهُمْ فَقَدَّرَ إِهْلَاكَهُمْ.

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ وَحَرامٌ- بِفَتْحِ الْحَاءِ وَبِأَلِفٍ بَعْدِ الرَّاءِ-. وَقَرَأَهُ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ وَحِرْمٌ- بِكَسْرِ الْحَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ-، وَهُوَ اسْمٌ بِمَعْنَى حَرَامٍ.

وَالْكَلِمَةُ مَكْتُوبَةٌ فِي الْمُصْحَفِ بِدُونِ أَلِفٍ وَمَرْوِيَّةٌ فِي رِوَايَاتِ الْقُرَّاءِ بِوَجْهَيْنِ، وَحَذْفُ الْأَلِفِ الْمُشْبَعَةِ مِنَ الْفُتْحَةِ كَثِيرٌ فِي الْمَصَاحِف.