للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالطَّيُّ: رَدُّ بَعْضِ أَجْزَاءِ الْجِسْمِ اللَّيِّنِ الْمَطْلُوقِ عَلَى بَعْضِهِ الْآخَرِ، وَضِدُّهُ النَّشْرُ.

وَالسِّجِلُّ: بِكَسْرِ السِّينِ وَكَسْرِ الْجِيمِ هُنَا، وَفِيهِ لُغَاتٌ. يُطْلَقُ عَلَى الْوَرَقَةِ الَّتِي يُكْتَبُ فِيهَا، وَيُطْلَقُ عَلَى كَاتِبِ الصَّحِيفَةِ، وَلَعَلَّهُ تَسْمِيَةٌ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ صَاحِبُ السِّجِلِّ، وَقِيلَ سِجِلٌّ: اسْمُ مَلَكٍ فِي السَّمَاءِ تُرْفَعُ إِلَيْهِ صَحَائِفُ أَعْمَالِ الْعِبَادِ فَيَحْفَظُهَا.

وَلَا يَحْسُنُ حَمْلُهُ هُنَا عَلَى مَعْنَى الصَّحِيفَةِ لِأَنَّهُ لَا يُلَائِمُ إِضَافَةَ الطَّيِّ إِلَيْهِ وَلَا إردافه لِقَوْلِهِ لِلْكِتَابِ أَوْ لِلْكُتُبِ، وَلَا حَمْلُهُ عَلَى مَعْنَى الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِصَحَائِفِ الْأَعْمَالِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَشْهُورًا فَكَيْفَ يُشَبَّهُ بِفِعْلِهِ. فَالْوَجْهُ: أَنْ يُرَادَ بِالسِّجِلِّ الْكَاتِبُ الَّذِي يَكْتُبُ الصَّحِيفَةَ ثُمَّ يَطْوِيهَا عِنْدَ انْتِهَاءِ كِتَابَتِهَا، وَذَلِكَ عَمَلٌ مَعْرُوفٌ. فَالتَّشْبِيهُ بِعَمَلِهِ رَشِيقٌ.

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ لِلْكِتَابِ بِصِيغَةِ الْإِفْرَادِ، وَقَرَأَهُ حَفْصٌ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ لِلْكُتُبِ- بِضَمِّ الْكَافِ وَضَمِّ التَّاءِ- بِصِيغَةِ الْجَمْعِ. وَلَمَّا كَانَ تَعْرِيفُ السِّجِلِّ وَتَعْرِيفُ الْكِتَابِ تَعْرِيفَ جِنْسٍ اسْتَوَى فِي الْمُعَرَّفِ الْإِفْرَادُ وَالْجَمْعُ. فَأَمَّا قِرَاءَتُهُمَا بِصِيغَةِ الْإِفْرَادِ فَفِيهَا مُحَسِّنُ مُرَاعَاةِ النَّظِيرِ فِي الصِّيغَةِ، وَأَمَّا قِرَاءَةُ الْكُتُبِ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ مَعَ كَوْنِ السِّجِلِّ مُفْرَدًا فَفِيهَا حُسْنُ التَّفَنُّنِ بِالتَّضَادِّ.

وَرَسْمُهَا فِي الْمُصْحَفِ بِدُونِ أَلِفٍ يَحْتَمِلُ الْقِرَاءَتَيْنِ لِأَنَّ الْأَلِفَ قَدْ يُحْذَفُ فِي مِثْلِهِ.

وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ لِلْكِتَابِ لِتَقْوِيَةِ الْعَامِلِ فَهِيَ دَاخِلَةٌ عَلَى مَفْعُولِ طَيِّ.

وَمَعْنَى طَيِّ السَّمَاءِ تَغْيِيرُ أَجْرَامِهَا مِنْ مَوْقِعٍ إِلَى مَوْقِعٍ أَوِ اقْتِرَابُ بَعْضِهَا مِنْ بَعْضٍ كَمَا تَتَغَيَّرُ أَطْرَافُ الْوَرَقَةِ الْمَنْشُورَةِ حِينَ تُطْوَى لِيَكْتُبَ