حَمْلٍ قَالَ تَعَالَى: وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطَّلَاق: ٤] ، مَعَ مَا فِي هَذِهِ الْإِضَافَةِ مِنَ التَّنْبِيهِ عَلَى شِدَّةِ اتِّصَالِ الْحَمْلِ بِالْحَامِلِ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ وَضْعَهَا إِيَّاهُ لِسَبَبٍ مُفْظِعٍ.
وَالْقَوْلُ فِي حَمْلِهِ عَلَى الْحَقِيقَةِ أَوْ عَلَى مَعْنَى الْكِنَايَةِ كَالْقَوْلِ فِي تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ.
وَالْخِطَابُ فِي تَرَى النَّاسَ
لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ، وَهُوَ كُلُّ مَنْ تَتَأَتَّى مِنْهُ الرُّؤْيَةُ مِنَ النَّاسِ، فَهُوَ مُسَاوٍ فِي الْمَعْنَى لِلْخِطَابِ الَّذِي فِي قَوْلِهِ يَوْمَ تَرَوْنَها
، وَإِنَّمَا أُوثِرَ الْإِفْرَادُ هُنَا لِلتَّفَنُّنِ كَرَاهِيَةَ إِعَادَةِ الْجَمْعِ. وَعُدِلَ عَنْ فِعْلِ الْمُضِيِّ إِلَى الْمُضَارِعِ فِي قَوْلِهِ وَتَرَى
لِاسْتِحْضَارِ الْحَالَةِ وَالتَّعْجِيبِ مِنْهَا كَقَوْلِهِ فَتُثِيرُ سَحاباً [الرّوم: ٤٨] وَقَوْلِهِ وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ [هود: ٣٨] .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ سُكارى
- بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَبِأَلِفٍ بَعْدَ الْكَافِ-. وَوَصْفُ النَّاسِ بِذَلِكَ عَلَى طَرِيقَةِ التَّشْبِيهِ الْبَلِيغِ. وَقَوْلُهُ بَعْدَهُ وَما هُمْ بِسُكارى
قَرِينَةٌ عَلَى قَصْدِ التَّشْبِيهِ وَلِيُبْنَى عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدَهُ وَلكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شَدِيدٌ.
وَقَرَأَهُ حَمْزَةُ وَالْكسَائِيّ سُكارى
بِوَزْنِ عَطْشَى فِي الْمَوْضِعَيْنِ. وَسُكَارَى وَسَكْرَى
جَمْعُ سَكْرَانَ. وَهُوَ الَّذِي اخْتَلَّ شُعُورُ عَقْلِهِ مِنْ أَثَرِ شُرْبٍ الْخَمْرِ، وَقِيَاسُ جَمْعِهِ سُكَارَى.
وَأَمَّا سَكْرَى فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى نَوْكَى لِمَا فِي السُّكْرِ مِنِ اضْطِرَابِ الْعَقْلِ. وَلَهُ نَظِيرٌ وَهُوَ جَمْعُ كَسْلَانَ عَلَى كُسَالَى وَكَسْلَى.
وَجُمْلَةُ وَما هُمْ بِسُكارى
فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ النَّاسِ.
وعَذابَ اللَّهِ
صَادِقٌ بِعَذَابِهِ فِي الدُّنْيَا وَهُوَ عَذَابُ الْفَزَعِ وَالْوَجَعِ، وَعَذَابُ الرُّعْبِ فِي الْآخِرَةِ بِالْإِحْسَاسِ بِلَفْحِ النَّارِ وَزَبْنِ مَلَائِكَةِ الْعَذَابِ.
وَجُمْلَةُ وَما هُمْ بِسُكارى
فِي مَوْضِعِ الْحَالِ من النَّاسَ.