تَكُونُ بَالِغَةً فِي اللِّينِ وَاللَّمَعَانِ. وَثِيَابُ الْحَرِيرِ أَجْوَدُ الثِّيَابِ فِي الدُّنْيَا قَدِيمًا وَحَدِيثًا، وَأَقْدَمُ ظُهُورِهَا فِي بِلَادِ الصِّينِ مُنْذُ خَمْسَةِ آلَافِ سَنَةٍ تَقْرِيبًا حَيْثُ يَكْثُرُ شَجَرُ التُّوتِ، لِأَنَّ دُودَ الْحَرِيرِ لَا يُفْرِزُ الْحَرِيرَ إِلَّا إِذَا كَانَ عَلَفُهُ وَرَقَ التُّوتِ، وَالْأَكْثَرُ أَنَّهُ يَبْنِي بُيُوتَهُ فِي أَغْصَانِ التُّوتِ. وَكَانَ غَيْرُ أَهْلِ الصِّينِ لَا يَعْرِفُونَ تَرْبِيَةَ دُودِ الْحَرِيرِ فَلَا يُحَصِّلُونَ الْحَرِيرَ إِلَّا مِنْ طَرِيقِ بِلَادِ الْفُرْسِ يَجْلِبُهُ التُّجَّارُ فَلِذَلِكَ يُبَاعُ بِأَثْمَانٍ غَالِيَةٍ. وَكَانَتِ الْأَثْوَابُ الْحَرِيرِيَّةُ تُبَاعُ بِوَزْنِهَا مِنَ الذَّهَبِ، ثُمَّ نُقِلَ بِزْرُ دُودِ الْحَرِير الَّذِي يتَوَلَّد مِنْهُ الدُّودُ إِلَى الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ فِي زَمَنِ الْإِمْبِرَاطُورِ (بُوسْتِنْيَانُوسَ) بَيْنَ سَنَةِ ٥٢٧ وَسَنَةِ ٥٦٥ م. وَمِنْ أَصْنَافِ ثِيَابِ الْحَرِيرِ السُّنْدُسُ وَالْإِسْتَبْرَقُ وَقَدْ تَقَدَّمَا فِي سُورَةِ الْكَهْفِ. وَعُرِفَتِ الْأَثْوَابُ الْحَرِيرِيَّةُ فِي الرُّومَانِ فِي حُدُودِ أَوَائِلِ الْقَرْنِ الثَّالِثِ الْمَسِيحِيِّ.
وَمَعْنَى وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ أَنَّ اللَّهَ يُرْشِدُهُمْ إِلَى أَقْوَالٍ، أَيْ يُلْهِمُهُمْ
أَقْوَالًا حَسَنَةً يَقُولُونَهَا بَيْنَهُمْ، وَقَدْ ذُكِرَ بَعْضُهَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ [يُونُس: ١٠] وَفِي قَوْلِهِ:
وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ [الزمر: ٧٤] .
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: أَنَّهُمْ يُرْشَدُونَ إِلَى أَمَاكِنَ يَسْمَعُونَ فِيهَا أَقْوَالًا طَيِّبَةً. وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ [الرَّعْد: ٢٤] . وَهَذَا أَشَدُّ مُنَاسبَة بِمُقَابلَة مِمَّا يَسْمَعُهُ أَهْلُ النَّارِ فِي قَوْلِهِ:
وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ [الْحَج: ٢٢] .
وَجُمْلَةُ وَهُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ مُعْتَرِضَةٌ فِي آخِرِ الْكَلَامِ، وَالْوَاوُ لِلِاعْتِرَاضِ، هِيَ كَالتَّكْمِلَةِ لِوَصْفِ حُسْنِ حَالِهِمْ لِمُنَاسَبَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute