للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلِكَوْنِ هَذِهِ الْحَالِ أَغْرَبَ قُدِّمَ قَوْلُهُ رِجالًا ثُمَّ ذُكِرَ بَعْدَهُ وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ تَكْمِلَةً لِتَعْمِيمِ الْأَحْوَالِ إِذْ إِتْيَانُ النَّاسِ لَا يَعْدُو أَحَدَ هَذَيْنِ الْوَصْفَيْنِ.

ورِجالًا: جَمْعُ رَاجِلٍ وَهُوَ ضِدُّ الرَّاكِبِ.

وَالضَّامِرُ: قَلِيلُ لَحْمِ الْبَطْنِ. يُقَالُ: ضَمُرَ ضُمُورًا فَهُوَ ضَامِرٌ، وَنَاقَةٌ ضَامِرٌ أَيْضًا.

وَالضُّمُورُ مِنْ مَحَاسِنِ الرَّوَاحِلِ وَالْخَيْلِ لِأَنَّهُ يُعِينُهَا عَلَى السَّيْرِ وَالْحَرَكَةِ.

فَالضَّامِرُ هُنَا بِمَنْزِلَةِ الِاسْمِ كَأَنَّهُ قَالَ: وَعَلَى كُلِّ رَاحِلَةٍ.

وَكَلِمَةُ (كُلِّ) مِنْ قَوْلِهِ وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي الْكَثْرَةِ، أَيْ وَعَلَى رَوَاحِلَ كَثِيرَةٍ. وَكَلِمَةُ (كُلِّ) أَصْلُهَا الدَّلَالَةُ عَلَى اسْتِغْرَاقِ جِنْسِ مَا تُضَافُ إِلَيْهِ وَيَكْثُرُ اسْتِعْمَالُهَا فِي مَعْنًى كَثِيرٍ مِمَّا تُضَافُ إِلَيْهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ [النَّمْل: ٢٣] أَيْ مِنْ أَكْثَرِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي يُؤْتَاهَا أَهْلُ الْمُلْكِ، وَقَوْلِ النَّابِغَةِ:

بِهَا كُلُّ ذَيَّالٍ وَخَنْسَاءَ تَرْعَوِي إِلَى كُلِّ رَجَّافٍ مِنَ الرَّمْلِ فَارِدِ أَيْ: بِهَا وَحْشٌ كَثِيرٌ فِي رِمَالٍ كَثِيرَةٍ.

وَتَكَرَّرَ هَذَا الْإِطْلَاقُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي قَوْلِ عَنْتَرَةَ:

جَادَتْ عَلَيْهِ كُلُّ بِكْرٍ حُرَّةٍ ... فَتَرَكْنَ كُلَّ قَرَارَةٍ كَالدِّرْهَمِ

سَحًّا وَتَسْكَابًا فَكُلَّ عَشِيَّةٍ ... يَجْرِي عَلَيْهَا الْمَاءُ لَمْ يَتَصَرَّمِ

وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ فِي [سُورَةَ الْبَقَرَةِ: ١٤٥] . وَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِي سُورَةَ النَّمْلِ.