وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ: لَوْلَا مَا سَبَقَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ مِنْ إِذْنِ اللَّهِ لِأُمَمِ التَّوْحِيدِ بِقِتَالِ أَهْلِ الشِّرْكِ (كَمَا قَاتل دَاوُود جَالُوتَ، وَكَمَا تَغَلَّبَ سُلَيْمَانُ عَلَى مَلِكَةِ سَبَأٍ) . لَمَحَقَ الْمُشْرِكُونَ مَعَالِمَ التَّوْحِيدِ (كَمَا مَحَقَ بُخْتَنَصَّرُ هَيْكَلَ سُلَيْمَانَ) فَتَكُونُ هَذِهِ الْجُمْلَةُ تَذْيِيلًا لِجُمْلَةِ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا [الْحَج: ٣٩] ، أَيْ أُذِنَ لِلْمُسْلِمِينَ بِالْقِتَالِ كَمَا أُذِنَ لِأُمَمٍ قَبْلَهُمْ لِكَيْلَا يَطْغَى عَلَيْهِمُ الْمُشْرِكُونَ كَمَا طَغَوْا عَلَى مَنْ قَبْلَهُمْ حِينَ لَمْ يَأْذَنِ اللَّهُ لَهُمْ بِالْقِتَالِ، فَالتَّعْرِيفُ فِي النَّاسَ تَعْرِيفُ الْجِنْسِ.
وَإِضَافَةُ الدِّفَاعِ إِلَى اللَّهِ إِسْنَادٌ مُجَازِيٌّ عَقْلِيٌّ لِأَنَّهُ إِذْنٌ لِلنَّاسِ أَنْ يَدْفَعُوا عَنْ مَعَابِدِهِمْ فَكَانَ إِذْنُ اللَّهِ سَبَبَ الدَّفْعِ. وَهَذَا يُهِيبُ بِأَهْلِ الْأَدْيَانِ إِلَى التَّأَلُّبِ عَلَى مُقَاوَمَةِ أَهْلِ الشِّرْكِ.
وَقَرَأَ نَافِعٌ، وَأَبُو جَعْفَرٍ، وَيَعْقُوبُ دِفَاعُ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ دَفْعُ- بِفَتْحِ الدَّالِ وَبِدُونِ أَلِفٍ-. وبَعْضَهُمْ بَدَلٌ مِنَ النَّاسَ بَدَلُ بَعْضٍ. وبِبَعْضٍ مُتَعَلِّقٌ بِ دِفَاعُ وَالْبَاءُ لِلْآلَةِ.
وَالْهَدْمُ: تَقْوِيضُ الْبِنَاءِ وَتَسْقِيطُهُ.
وَقَرَأَ نَافِعٌ، وَابْنُ كَثِيرٍ، وَأَبُو جَعْفَرٍ لَهُدِّمَتْ- بِتَخْفِيفِ الدَّالِ-. وَقَرَأَهُ الْبَاقُونَ-
بِتَشْدِيدِ الدَّالِ- لِلْمُبَالَغَةِ فِي الْهَدْمِ، أَيْ لَهُدِّمَتْ هَدْمًا نَاشِئًا عَنْ غَيْظٍ بِحَيْثُ لَا يُبْقُونَ لَهَا أَثَرًا.
وَالصَّوَامِعُ: جَمْعُ صَوْمَعَةٍ بِوَزْنِ فَوْعَلَةٍ، وَهِيَ بِنَاءٌ مُسْتَطِيلٌ مُرْتَفِعٌ يُصْعَدُ إِلَيْهِ بِدَرَجٍ وَبِأَعْلَاهُ بَيْتٌ، كَانَ الرُّهْبَانُ يَتَّخِذُونَهُ لِلْعِبَادَةِ لِيَكُونُوا بُعَدَاءَ عَنْ مُشَاغَلَةِ النَّاسِ إِيَّاهُمْ، وَكَانُوا يُوقِدُونَ بِهِ مَصَابِيحَ لِلْإِعَانَةِ عَلَى السَّهَرِ لِلْعِبَادَةِ وَلِإِضَاءَةِ الطَّرِيقِ لِلْمَارِّينَ. مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ سُمِّيَتِ الصَّوْمَعَةُ الْمَنَارَةَ. قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
تُضِيءُ الظَّلَامَ بِالْعَشِيِّ كَأَنَّهَا ... مَنَارَةُ مَمْسَى رَاهِبٍ مُتَبَتِّلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute