النَّجْمِ فَلَمَّا بَلَغَ قَوْلَهُ: أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى [النَّجْم: ١٩، ٢٠] أَلْقَى الشَّيْطَانُ بَيْنَ السَّامِعِينَ عَقِبَ ذَلِكَ قَوْلَهُ: تِلْكَ الْغَرَانِيقَ الْعُلَى وَإِنَّ شَفَاعَتَهُنَّ لَتُرْتَجَى فَفَرِحَ الْمُشْرِكُونَ بِأَنْ ذَكَرَ آلِهَتَهُمْ بِخَيْرٍ، وَكَانَ فِي آخِرِ تِلْكَ السُّورَةِ سَجْدَةٌ مِنْ سُجُودِ التِّلَاوَةِ، فَلَمَّا سَجَدَ فِي آخِرِ السُّورَةِ سَجَدَ كُلُّ مَنْ حَضَرَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ، وَتَسَامَعَ النَّاسُ بِأَنَّ قُرَيْشًا أَسْلَمُوا حَتَّى شَاعَ ذَلِكَ بِبِلَادِ الْحَبَشَةِ، فَرَجَعَ مِنْ مُهَاجِرَةِ الْحَبَشَةِ نَفَرٌ مِنْهُمْ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَأَنَّ النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَشْعُرْ بِأَنَّ الشَّيْطَان ألْقى فِي الْقَوْم، فَأَعْلَمَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَاغْتَمَّ لِذَلِكَ فَنَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ الْآيَةَ تَسْلِيَةً لَهُ.
وَهِيَ قِصَّةٌ يَجِدُهَا السَّامِعُ ضِغْثًا عَلَى إِبَّالَةٍ، وَلَا يُلْقِي إِلَيْهَا النِّحْرِيرُ بَالَهُ. وَمَا رُوِيَتْ
إِلَّا بِأَسَانِيدَ وَاهِيَةٍ وَمُنْتَهَاهَا إِلَى ذِكْرِ قِصَّةٍ، وَلَيْسَ فِي أَحَدِ أَسَانِيدِهَا سَمَاعُ صَحَابِيٍّ لِشَيْءٍ فِي مَجْلِسِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَنَدُهَا إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ سَنَدٌ مَطْعُونٌ. عَلَى أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ يَوْمَ نَزَلَتْ سُورَةُ النَّجْمِ كَانَ لَا يَحْضُرُ مَجَالِسَ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ أَخْبَارُ آحَادٍ تُعَارِضُ أُصُولَ الدِّينِ لِأَنَّهَا تُخَالِفُ أَصْلَ عصمَة الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا الْتِبَاسَ عَلَيْهِ فِي تَلَقِّي الْوَحْيِ. وَيَكْفِي تَكْذِيبًا لَهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى [النَّجْم: ٣] وَفِي مَعْرِفَةِ الْملك. فَلَو رووها الثِّقَاتُ لَوَجَبَ رَفْضُهَا وَتَأْوِيلُهَا فَكَيْفَ وَهِيَ ضَعِيفَةٌ وَاهِيَةٌ. وَكَيْفَ يَرُوجُ عَلَى ذِي مَسْكَةٍ مِنْ عَقْلٍ أَنْ يَجْتَمِعَ فِي كَلَامٍ وَاحِدٍ تَسْفِيهُ الْمُشْرِكِينَ فِي عِبَادَتِهِمُ الْأَصْنَامَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى [النَّجْم: ١٩] إِلَى قَوْلِهِ: مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ [النَّجْم: ٢٣] فَيَقَعُ فِي خِلَالِ ذَلِكَ مَدْحُهَا بِأَنَّهَا «الْغَرَانِيقُ العلى وَأَن شفاعتهن لَتُرْتَجَى» . وَهَلْ هَذَا إِلَّا كَلَامٌ يَلْعَنُ بَعْضُهُ بَعْضًا. وَقَدِ اتَّفَقَ الْحَاكُونَ أَنَّ النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ سُورَةَ النَّجْمِ كُلَّهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute